"ماري حمالة الحطب"؛ عمل روائي للكاتبة اللبنانية هنادي غزاوي الصلح، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ومسرح الرواية هو لبنان.
أنت هنا
قراءة كتاب ماري حمالة الحطب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
- باريس مدهشة، تصعقني كلما شاهدتها، تبدو امرأة متجددة الروح برغم احتفاظها بمعالمها القديمة، كل ما فيها يغريني· وأعترف أنني وللمرة الأولى بعد وفاته شعرتُ بحاجةٍ إلى الحبّ·
أشياء كثيرة أيقظت مشاعري، العشاق الذين يتبادلون قبلاً سريعة، والنساء اللواتي يعانقن رجالهن، أما الطقس ورغم البرد القارس فقد كنت أشعر أن لفحاته التي تصفع وجهي ما هي إلا قُبَل فراس الحميمة، كنت بحاجة إلى وجوده قربي، إلى رجولته التي كان يغلفني بها، إلى صدى قهقهاته وصوته العميق الذي ما زلت أحتفظ به في مسامي·
فجأة شعرت به، كما لو كان حيّاً، أمنحه وجوداً لأمشي متطلعةً في الوجوه كأنني أقول لكل من يعبر أمامي:
انظروا في وجهي، أنا امرأة عاشقة·
قالت أمل بكلمات سريعة كانت تطلقها بعجالة وهي لا تزال تحرّك ذراعيها:
- وماذا لو نظر أحدهم في وجهك مكتشفاً مراوغتك، أو سألك هل يفيدنا بشيء أن نحبّ الموتى فهو لا يسمن ولا يغني من جوع، إنه مجرد ذكرى، لا أكثر·
- فراس ليس ذكرى، هل تعتقدين أنه غادرني إلى الأبد؟ ليس الأمر كذلك، إنه لم يغادر مكانه في روحي أبداً، هو حبيبي وشريك عمري الذي لم يغبْ·
- ها أنت تنبشين القبور، كيف تُقبلين على الحياة بمشهد متعفّر بالرمال؟
كانت كلماتها تصلني كالسهام وتحفر جسدي، والمشكلة أنني كلما أردت أن أنهرها، أعود لأتذكر أنها أمل وأن الصديق مَنْ صدقك، فأتأمل ملامحها وفرحها بي وأتيقن يوماً بعد يوم نبل صداقتها·
أجبتها بصوت أردتها أن تميّز نبرة العتب فيه:
- وهل يعني الإقبال على الحياة أن أتخلى عن إخلاصي ووفائي له؟
تأملتني بزاوية عينها وهي تبتسم: