أنت هنا

قراءة كتاب السماء شاغرة فوق اورشليم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السماء شاغرة فوق اورشليم

السماء شاغرة فوق اورشليم

"السماءُ شاغرةٌ فوق أورشليم" عمل روائي للشاعر والروائي سليم بركات، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، كثيرةٌ هي صفحات الحروب التي تنام في بطون التاريخ، ومتنوعة هي الأعمال الروائية التي تناولت هذه الصفحات بشتى أصنافها وأهميتها وماتركته من آثار ودروس وعِ

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
لمس عزيز مقبض خنجرهِ القوقازي، الكِنْدجَل، المستقيم، المشفوع الغمد بالخمس الآليات الأخيرة من سورة هود:
 
ـ أكلتُ جراداً مشوياً، من قبل، وسآكله اليوم أيضاً، يا توران· هل خذلتُك؟·
 
هزَّ توران رأسه نفياً· حلَّ عادل زِيْبَك أُوْرْتَا عمامتَه الزرقاء عن رأسه· نفض بها عن حواشي قميصه الأزرق، الطويل حتى ركبتي بنطاله الواسع الأسود، الضيق عند كاحليه، جراداً كبيراً ملتصقاً بها لايتحرك· شهق ممتعضاً من ضربة السياف على عنق آخر المقيَّدين· لم تقطع الضربةُ عنقَ الرجل الغارق في قفطان أسود، طويل، حتى عقبي قدميه الحافيتين· ظلَّ الرأس معلَّقاً بالجسد المتخبط كأنما يحاول، بمديحٍ من الدم، إعادةَ العنق إلى لُحْمته· زفر السيافُ، ذو الأنف الأفطس في وجهه الرماديِّ الشاحب، فأومأ طُغرُل داوود مراد برأسه مستوقفاً: هذا قَدَرُهُ· يكفي
 
هز السياف رأسه لأمير سرية الجند مؤتمراً· جرُّوهم إلى الصَّدْع، هناك، قال، مشيراً بيدهِ إلى صَدْع خطَّه الجفافُ واسعاً في الأرض، وعمَّقته المعاول مراقدَ تكفي أجساد المقتولين مطوَّيةً، فانبرى سته عن الموكلين بأعلاف الجياد إلى جرِّها إلى مثواها·
 
خفض طغرل، أمير سريَّة الجند على الضفة الشرق من بحيرية طبرية، رأسَه رضىً· رفع يديه يقرأ الفاتحةَ: لم أغفر لهم· قد يغفر لهم الله
 
تفرَّق جَمْعُ الجند، الذي ملأ عراءَ العشب اليابس يشهد إعدام الرجال الخمسة، في تلك الظهيرة المُنتحِبة رطوبةً خاملةً أسقطتها البحيرة على الأجساد عَرَقاً من جسد مائها· توجَّه كل رهطٍ إلى خيمته، طلباً للظُّلَّة· خلع تُوْرَان موسى شيْر نعليه المفتوحتين من أمام عن أصابع قدميه، ومن خلف عن عقبيهما· كنَّس بعمامته حفنهً من الجراد حيث استلقى على الحصير، المغطى بلبْدٍ خشن، بُنِّي· مسح وجهه بالعمامة· لم أفهم، قال· التفت بعينيه إلى عثمان بازْرَاني: من أعطى هؤلاء التجار مؤنَ الجيش ليبيعوها للفرنجةِ ـ أهل ِ الصليب؟
 
تعني: مَنْ سَرقها من مؤن جيشنا؟، ردَّ عثمان، ذو الأربعين عاماً، الأكبر سنًّا في رهط الخيمة الأحدَ عشر·
 
أعني لو أنَّ رؤوساً أخرى اجتمع عليها الجراد، عدا رؤوس التجار هؤلاء، قال توران، ذو الوجه المستطيل، واللحيَّة البُنيَّة الفاتحة، ابن الأربعة والثلاثين عاماً·
 
لماذا تبدو غاضباً، يا توران؟، ساءله جَلال مِيْدو كَمِيلا، ذو العينين الشهلاوين، الشركسي الأصل من شمال السَّلْط·
 
ماذا أوحى لك أنني غاضب، ياجلال؟ سؤالٌ من لساني لم تُخْفه شفتاي· لا غضب في ذلك، ردَّ توران، ذو العينين الصغيرتين، المائلتين إلى صُفرةٍ في عسلِ حدقتيهما، بعربية متكسرة· أدار وجهه صوب عزيز، الكبير الفم: الجراد مشوياً، بلا ملح، يثير الشهوة· اجمَعْ لنا جراداً كبيراً، ياعزيز، قال· استوى قاعداً· 
 
أنت غاضب تمتم جلال·
 
مابك؟ لستُ غاضباً· انظرْ إلى عينيَّ، قال توران·
 
سمعتُ أن هؤلاء التجار، الذين أُعدِموا، اشتروا مؤناً مسروقة من حاميتين في نواحي اليرموك· أُعدم مُعْتمدا الحاميتين· أعدمهما جنابُ أمير معسكرات عجلون وثكنتها الكبيرة عز الدين عثمان، قال جلال· نقل بَصره بين وجوه الآخرين في الخيمة الواسعة· ألم يسمع غيري بهذا؟
 
بل سمعتُ، أنا أيضاً، قال عادل زِيْبَك أوْرتا، العجولُ اللسان· استرسل: جنابُ عز الدين أرسل إلى جناب طغرل داوود أن يلحق بالتجار قبل عبورهم  إلى منابع اليرموك، في حوران، فأوقع بهم
 
أنا لم أسمع بذلك، قال توران·
 
أنت غاضب، تمتم جلال·

الصفحات