"السماءُ شاغرةٌ فوق أورشليم" عمل روائي للشاعر والروائي سليم بركات، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، كثيرةٌ هي صفحات الحروب التي تنام في بطون التاريخ، ومتنوعة هي الأعمال الروائية التي تناولت هذه الصفحات بشتى أصنافها وأهميتها وماتركته من آثار ودروس وعِ
أنت هنا
قراءة كتاب السماء شاغرة فوق اورشليم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
انظرْ إلى عينيها، ردَّ جميل·
همهم أسمقان:
ـ عينا كل جرادةٍ عينا جرادة أخرى· الشيطان، نفسُه، لن يجد فارقاً·
انظرْ إليهما بعينَيْ جرادة، ياأسمقان، ردَّ جميل·
حيَّرتنَنا، ياجميل، قال جلال ميدو باستسلام تحوَّل لامبالاةً، وهو يحلُّ رِباطاً عن صُرَّة صغيرة، في حِجْره· رفع منها قضيباً قصيراً، ثخيناً، من الخشب، وسكيناً بنصلٍ لايُجاوز أَنملتين طولاً· أَجْرى النصلَ في القضيب الخشب نَجْراً·
ماالذي تنحتُه، ياجلال؟، ساءله توران، فردَّ الشركسي الأصل:
ـ أصنع صليباً يحاصره الهلال·
ضرب عزيز حاجي عبد الكريم بخُفٍّ في يده على بضع جرادات فسحقهنَّ· مدَّ عنقَه في اتجاه جميل:
ـ أيتوالد الجرادُ كالجنِّ، أم تتوالد الجنُّ كالجراد؟·
الجراد يبيض، ردَّ جميلاً متمهِّلاً في عرض علومه· أما الجنُّ فيُفْرغُ الذَّكرُ في الأنثى هواءً من إحليله، كما نُفرغ نحن المنيَّ؟ تنحنحَ: للجنِّ خواصُّ الهواء، أضاف·
مرَّ جنود قرب الرهط الاثني عشر، متَّجهين صوب السُّرادق الكبير، وسط حلقة الخيام الكبيرة· توقَّف أحدهم يرتدي قميصاً حتى رِبْلتَيْ ساقيه، بلا بنطال: عندي زبيب· أيودُّ أحدكم شراء زبيب؟، ساءلهم، فهزوا رؤوسهم نفياً·
وَصَلَنا زحفُ الجرادُ الأشدُّ، اليوم، قال توران رافعاً يده يتقرَّى بها السطورَ العادلةَ للمعاني· وَصَلنا، اليوم، الخبرُ من جناب طغرل عن قُرْب التحاقنا بجيش الملك الناصر، مال بجذعه، من مجلسه في الصفِّ الملتحم بالظلِّ شرق الخيمة· تطلَّع إلى صِحابه شمالاً ويميناً بعينيه الصغيرتين، البنيِّتين تُخالطُ عسلَهما صفرةٌ: ماالتأويلُ الجامع بين الجراد والخبر؟
سنلتهم صلبانَ النصارى الفرنجة، قال عمروس شاهدون خِسرو·
ابتسم توران، مُعْتَمَدُ العُشارية:
ـ أوْ سيلتهمنا الفرنجةُ·
أعطني إبريقك، يا توران، قال عثمان· نفدَ مائي
مدَّ توران يَده بإبريقه النحاس، الصغير، إلى عثمان الممتلئ، الفاتح السُّمرة· تناول عثمان الأبريقَ مائلاً بجذعه جانبياً· تفرَّس في وجه توران:
ـ مابك تتأوَّل الأمر على ريبةٍ من القَدَر، يا توران؟· لم نغادر المعسكرَ، بعد، فيلتهمنا الفرنجةُ·
مسح توران عرقاً تحت إبطيه بعمامته· ابتسم:
ـ خُذْ كلماتي على محملٍ آخر، ياعثمان· مَنْ يأكلْنا يمُت مسموماً· سنلتهمهم حتى لو التهمونا·
اللهِ قولٌ مَّا في الجراد؟، تساءل أمين كارو، ذو الفم الواسع، والأسنان الكبيرة· أردفَ: أقلقتَني، منذ العصر هذا، يا توران· إنِ التهمونا سيكونون قد التهمونا
تبادل الاثنا عشر رهطاً نظراتِ المساءلة في قولٍ مَّا للهِ ادَّخرتْه ذاكرةٌ من ذاكرات قلوبهم· تمتم جميل: