تدور رواية "صخب ونساء وكاتب مغمور" للروائي علي بدر حول عالم صاخب من النساء والفنانين والشعراء المزيفين الذين يتجمعون في استوديو صغير في بغداد، حيث تدور أحداث حياة الكاتب المغمور الذي يحلم بكتابة رواية يحصل من خلالها على المال والجوائز والنساء، ونتعرف من خلا
أنت هنا
قراءة كتاب صخب ونساء وكاتب مغمور
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
هجرة الثعالب
كنا الثلاثة، ذلك المساء، نتناول عشاءنا بصخب في مطعم فولكلوري صغير يقع في الطابق الثالث من فندق ميليا المنصور في بغداد: المهاجر العراقي الذي يقطن في لندن منذ عشرة أعوام، وصديقته الشابة التي وضعت على رأسها قبعة غريبة، وأنا كاتب الروايات المغمور·
وعلى صوت الموسيقى المحلية القديمة التي تأتينا من البهو، وعلى همسات الندل، والأضواء الخافتة، ورائحة النبيذ التي لعبت برأسي بقوة، قلت له:
أريد أن أهاجر بأي سبيل·· أريد أن أغادر إلى الأبد··
كان يدرك أن هذه الحمى، حمى السفر والهجرة لا سبيل إلى علاجها، بعد أن ضربت بعقول العراقيين جميعًا، ومثلما كان كل حمال في بغداد يريد أن يصبح السندباد في أسفاره، وكل تاجر في البصرة يريد أن يصبح ابن هبار أو سليمان التاجر في رحلات الحسن السيرافي، فإن كل بائعة خضرة في أسواق بغداد هذه الأيام تريد الهجرة إلى هولندا·· بل حتى العرجان يريدون الهجرة إلى أوربا ·· حتى الخرسان·· حتى العميان·· والشحاذون والمكارية وأصحاب الكدش يريدون الذهاب إلى كندا أو الدانمارك أو أستراليا أو أميركا··
احمر صديقي من الغضب وانتفخ أنفه مثل بالون، وقبل أن يجيبني، سألني:
كيف ستسافر·· ؟
شرحت له أكثر من وسيلة كانت شائعة ذلك الوقت، وقد سافر بها العديد ممن أعرفهم:
إما أهرب إلى إيران، وأقطعها مشيًا على الأقدام حتى أصل الباكستان وأفغانستان ومن ثم إلى جنوب أو شرق آسيا وهنالك العديد من المهربين الذين سيتدبرون سفرنا إلى أوربا، أو أهرب إلى تركيا وأقطع الجبال مشيًا على الأقدام مسيرة ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر، حتى أصل إلى واحدة من دول شمال أوربا التي أدخلها بشكل غير شرعي ثم سيتدبرون أمرنا في معسكرات اللاجئين، أو عن طريق البحر، قارب صغير يمكننا أن نقطع به البحر المتوسط حتى ترمينا الأمواج عند أحد الشواطئ··· وللمبالغة قلت له هنالك طريقة أخرى للوصول بها إلى أميركا: