أنت هنا

قراءة كتاب الديك والدجاجة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الديك والدجاجة

الديك والدجاجة

في كتاب "الديك والدجاجة" لا يستطيع الكاتب والأديب فخري قعوار مفارقة أسلوبه الساحر حتى لو أراد أن يقول كلاماً جاداً، كأن يشرح العلاقة الشائكة بين المرأة والرجل، ورغم روح السخرية الطريفة، إلا أنني على قناعة بأن لا وصف لتلك العلاقة يشبه وصف ذلك العنوان المختصر

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 2
قلب أمرأة ممنوع من الصرف!
 
كان يحبها إلى درجة تفوق حدود العقل والقلب، وكانت تحتل كل بوصة من وجدانه، ويعشش ظلها في سائر مساماته، وتتوهج صورتها في كل ساعات صحوه، ويبلغ ذروة سعادته ونشوته حين يلتقي بها·· أمّا هي فكانت لا تختلف عنه في حبها له وتوغله في أعماق فؤادها، وكان كلاهما بطلين لقصة حب راقية إلى مستوى قصة حب قيس وليلى وكثير عزة وجميل بثينة وعنتر وعبلة و··· إلخ·
 
وإذا إنشغل أياماً عنها، كانت تداهمه في مكان عمله، بالرجاء والدموع، وإذا انشغلت أو تشاغلت عنه، مال إلى فقدان صوابه، لأن كلاً منهما لا يحتمل اختفاء الآخر أو غيابه أو انشغاله عنه·
 
ولعل هذه الحالة المتدفقة بالعواطف الجياشة والشغف المتبادل، تلخص معنى الحب المثالي، وتبتعد بالمحبين عن حالات الحب المعلق بالمنفعة، أو الحب المؤقت، أو الحب من طرف واحد، أو أي حالة أخرى لا تتوفر فيها الشروط النموذجية التي تميز بها مشاهير العشاق في العالم·
 
وما أرويه هنا، ليس مجرد خيال كاتب، وإنما هو قصة واقعية، فاتحني بها بطلها، وصارحني بكل تفاصيل مأساته مع محبوبته، التي ما يزال متعلقاً بصورتها وحركاتها وابتسامتها وتسريحة شعرها ونمرة حذائها ونبرات صوتها ودقات قلبها وانسياب اصابع يديها ورجليها···
 
قال لي انه فجع بها، لأنها شطبته من حياتها، أو على حد تعبيره، شطبته من الوجود كله، وشرعت تتصرف كإنسانة جديدة خالية من التاريخ المشترك معه، وتبدو له مثل أم تتنكر لابنها أو فتاة تتنكر لوالدها، ويبدي عجباً من قدرتها الخارقة على الخروج من رباط الحب الذي جمعها به، وجمعه بها، وهو الآن يبحث عن حل، بعد أن بكى كثيراً، وتمزق من داخل حناياه، ويسعى للعثور على وسيلة كريمة لاستعادة مجد القصة التي صارت محفورة في حياته، ومن المؤكد أنها محفورة في حياتها!
 
قلت له: عليك أن تتماسك، وأن تلتفت إلى شهامتك ورجولتك، وأن تبتعد عن ضعفك وتوسلك لها· وما دامت قد طردتك من حياتها، فإن عليك أن تبقى خارج الباب، وأن تبدأ حياتك من جديد، كما بدأت هي حياتها من جديد·
 
قال: هذا كلام ليس جديداً عليّ، فقد فكّرت فيه، وتأملته كثيراً، وقررت أن أكون متماسكاً وقوياً، كي لا أدمر نفسي، وكي لا أكون عزرائيل روحي·
 
قلت: هذا جميل، ولا بد من فعل ذلك، حتى تشعرها بأنك رجل، وأنك غير عابىء بما قامت به من خذلان لك·
 
قال: وهذا أيضاً فكرت فيه، وأعتقدت أنه ضروري لصيانة العلاقة، وأعادتها إلى مجراها·
 
وصمدت طويلاً، ثم نظر إليّ بأسى وقال: أنني أبدو أمامك متماسكاً وربما تظن أنني متماسك، فأنا لم أقع في غير حبها، ولم تدخل أمرأة في شراييني وخلايا جسدي سواها، وأحب أن أسمع نصيحتك، وأن ترشدني كيف أستطيع إنعاش حبنا، وكيف أستطيع فتح باب قلبها للدخول إليه بأمان·
 
ولم أجد ما أقوله له، سوى أن عليه أن ينتظر، وأن يتوقع مبادرة منها، فإن لم تفعل، تكون قد غسلت قلبها منه إلى أبد الآبدين، ويكون قلبها - عندئذ - ممنوعاً عليك من الصرف!
 
تشرين أول 2000

الصفحات