أنت هنا

قراءة كتاب الديك والدجاجة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الديك والدجاجة

الديك والدجاجة

في كتاب "الديك والدجاجة" لا يستطيع الكاتب والأديب فخري قعوار مفارقة أسلوبه الساحر حتى لو أراد أن يقول كلاماً جاداً، كأن يشرح العلاقة الشائكة بين المرأة والرجل، ورغم روح السخرية الطريفة، إلا أنني على قناعة بأن لا وصف لتلك العلاقة يشبه وصف ذلك العنوان المختصر

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 7
المرأة شيء والرجل شيء آخر !
 
المرأة في مناطق التخلف شيء، والرجل شيء آخر، وليست القضية محصورة في التخوم البيولوجية، بل في الاخلاقيات المتداولة، وفي المفاهيم السائدة، وفي التقاليد المتتابعة، وفي الاعراف الاجتماعية المتفق عليها·
 
فالمرأة إذا وقفت على شباك بيتها، ومرّ شاب في الشارع وأرسل إليها قبلة هوائية أو ابتسامة عابرة، وشاهد المنظر زوجها أو والدها أوشقيقها، فإنها ستتعرض للطعن بشبرية أو بسكينة المطبخ أو فتح رأسها بفأس أو قتلها برصاصة مسدس· أما الرجل إذا صادق حزمة من النساء، وطارد المحترمات وغير المحترمات، فإنه يعرف أن لا أحد يملك سلطة للهيمنة عليه أو أيذائه أو الحاق الأذى به·· أي أن المرأة مسخوطة من الرجل في حين أن الرجل حر وطليق وصاحب سلطة على النساء الخاصات به·
 
والمرأة، عموماً، متخصصة بالشؤون المنزلية، مثل الشطف والجلي والغسيل والتعسيف والتنظيف، وأعداد الوجبات بالتعاون مع بناتها لزوجها وأولادها الذكور وضيوفهم، ولا تملك فرصة للعمل وللمساهمة في رفع مستوى الدخل، بينما لا يتدخل الرجل في الشؤون المنزلية، ولا يفعل شيئاً سوى تحقيق المراقبة والحصول على الدخل·
 
أما إذا فشل في الحصول على مستلزمات الأسرة المادية، بسبب البطالة أو بسبب الاعاقة أو بسبب المرض، فإنه يتراخى رغماً عنه في مجال سلطته وهيمنته، وتسعى المرأة إلى تحقيق لقبها الوهمي، وتحويله إلى حقيقة فعلية، وهو ربة الأسرة، حرصاً على أفراد العائلة بمن فيهم الزوج الضعيف!
 
وعلينا أن نلقي نظرة إلى المرأة العراقية، بعد أن جرّد الاحتلال العراقيين من كل دخل كانوا يحصلون عليه، إذ أصبحت الكثير من النساء، حسب ما ذكرته نهى الدرويش في تقريرها من بغداد لجريدة الحياة، يقفن في طابور منذ ساعات الفجر الأولى وحتى الظهيرة، بانتظار فرصة عمل·
 
ولكنها، كما قالت، ليست فرصة عمل اعتيادية، لأن العمل يتطلب قوة جسمانية متميزة في رفع الطابوق والاسمنت والمواد الأخرى ذات العلاقة بمواد البناء·
 
ويبدو أن النساء العراقيات يقفن الآن مع زملائهن الرجال، ليقنعن ارباب العمل بقوتهن واخلاصهن واستعدادهن المهني· وهذه المسألة ليست هيّنة، لأن بعض الرجال يرفضون تماماً اختيار المرأة في اعمال قاسية كهذه، بينما يختارهن البعض الآخر بدافع الفضول ومن أجل التأكد من أن المرأة تستطيع أن تمارس العمل في البناء!
 
والظرف الصعب الذي يمر به اشقاؤنا العراقيون الواقعون تحت الاحتلال والمشاركون في المقاومة الفذة، لا يعني أن الرجال يدفعون النساء إلى العمل، ولا يعني أن لديهم رغبة في ذلك، وإنما هم في أحوال اضطرارية لفتح المجال لهن كي يحققن شيئاً من الدخل للاسرة·· ولعل الاشقاء الفلسطينيين يمرون بمثل هذه الظروف ايضاً، بسب اعمال العنف والارهاب التي يمارسها الكيان الصهيوني·
 
ومن المؤكد أن الظرف القاسي الذي تمرّ به المرأة العراقية والمرأة الفلسطينية، عبارة عن حالتين خارجتين عن واقعنا باعتبارنا جزءاً اساسياً من عالم التخلف، لأن حياتنا كأمة عربية وامة إسلامية مكتظة بسطوة الرجال على النساء، وممارستهم للهيمنة وجرائم الشرف، والتعامل معهن على اساس انهن مخلوقات هزيلة·
 
ولذلك، فإن ما ابتدأت بذكره في اعلاه يبقى هو الحقيقة المؤسفة، التي تحتاج للتصدي من المرأة ومن كل مثقف وكل صاحب عقل مفتوح، فالمرأة في مناطقنا شيء والرجل شيء أخر!
 
آذار 2004

الصفحات