في كتاب "الديك والدجاجة" لا يستطيع الكاتب والأديب فخري قعوار مفارقة أسلوبه الساحر حتى لو أراد أن يقول كلاماً جاداً، كأن يشرح العلاقة الشائكة بين المرأة والرجل، ورغم روح السخرية الطريفة، إلا أنني على قناعة بأن لا وصف لتلك العلاقة يشبه وصف ذلك العنوان المختصر
أنت هنا
قراءة كتاب الديك والدجاجة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
المضطهدات في عش الزوجية!
التقيت به مرتين، المرة الأولى اتسمت بالمجاملة، والمرة الثانية، اتسمت بانفتاحه عليّ إلى حد كبير، لدرجة أنه حدثني عن بعض تفاصيل حياته الخاصة، وعن علاقته بزوجته، وعن طريقته في تربية أولاده والتعامل معهم· وكان أبرز ما قال، أنه يضرب زوجته من وقت إلى آخر، حسب الحاجة، لايمانه بأن الضرب هو الوسيلة المثلى للتأديب، ولارغام الزوجات على الامتثال لاوامر الازواج ونواهيهم!
وذكر لي على سبيل المثال لا الحصر، إنه اشترى يوماً قطعة أرض في (دير غبار) وقال لزوجته في حينها، أنه لا يحب أن يعرف أحد من أقربائه أو انسبائه أنه أشترى أرضاً، لأنه على حد تعبيره (مزاجه هيك!)· وبعد مرور أيام، اتصل به أحد اشقائه، وأعلن عن فرحته ومباركته له بالأرض، وما كان منه إلا أن سأله عن كيفية معرفته بالنبأ، فقال أن زوجة صاحبنا أخبرت زوجة أخيه، وأن زوجة أخيه اخبرت زوجته، وأنه فرح كثيراً لدى سماعه بذلك، فهب للاتصال به والمباركة له·
وأبدى لاخيه كل سرور وارتياح، وشكر له مبادرته إلى تقديم المباركة له، لكنه في الحقيقة، كان كاظماً غيظه على زوجته التي سربت النبأ!
قال لي: لم أعد أرى الدنيا كما هي، وصار كل شيء أمامي أسود، حتى دمي انقلب لونه من أحمر إلى أسود، وقدت سيارتي بجنون، وعدت إلى البيت، وكان أول فعل قمت به، وهي تفتح لي الباب، أن صفعتها على وجهها صفعة قوية، وضعت فيها كل قوتي وكل عزيمتي، مما جعلها تقع على الأرض صارخة من هول المفاجأة!
وساعدتها على النهوض، وتابعت ضربها بكل ما أوتيت من طاقة، وهي تتابع في الوقت نفسه صراخها، وتسأل من حين إلى حين:
- شو فيه؟ ليش هيك؟ شو صار لك يا زلمة؟
وأنا أقول لها مهدداً، أنني سوف أقطع لسانها الذي يبوح باسرار البيت· وعندما ادركت أنني اضربها بسبب نقل خبر شراء الأرض إلى زوجة أخي، صاحت قائلة:
- هذي مرة اخوك· مرة أخوك· مش غريبة·
وانتهى الأمر بأن اخرستها تماماً، ولم تعد بعد ذلك تخالف لي كلمة أو طلباً، وكلما وجهت إليها أمراً أو نهياً، ترد قائلة:
- مثل ما بدك يا عمري!
تابعت ذات عام، موضوع ضرب الأزواج لزوجاتهم، وكتبت عن قصة طبيب معروف، اعتاد على ضرب زوجته، لكنها - أي الزوجة - لم تكن لتعرف كيف تتصرف، وماذا يمكن أن تفعل لصد الأذى المتصل الذي بات جزءاً من حياتها في (عش الزوجية)، فوجدت في شخصي - ككاتب - ملاذاً التجأت إليه عبر الهاتف، ومن هنا كانت بداية تفجير موضوع ضرب الازواج لزوجاتهم!
وأذكر أنني تلقيت مئات الرسائل، وليس العشرات، من زوجات مضطهدات، يتعرضن للضرب المستمر من ازواجهن·
ولعل الحديث عن الضرب، لا يضيف جديداً، لأنه موجود ومنتشر ومعروف كظاهرة اجتماعية متزامنة ومتوازية مع ضرب الآباء والامهات لاطفالهم، ومع ضرب المعلمين لتلاميذهم·· لكن الجديد الذي توصلت إليه، أن الظاهرة ليست مقترنة بالجهل والأمية والأمية الثقافية، وإنما هي متفشية في صفوف المثقفين واساتذة الجامعات وأصحاب المناصب الرفيعة وذوي الشهرة، في مجالات الطب والهندسة والصيدلة والمحاماة والصحافة، ولا اخفي عن القراء معرفتي بفنانين مرموقين، لا يترددون في استعمال العنف ضد شريكات حياتهم! ولولا خوفي من اقتراف سلسلة فضائح لاشخاص تلقيت رسائل من زوجاتهم، لاعددت كتاباً خاصاً بالنساء المضطهدات!
كانون الأول 1998