أنت هنا

قراءة كتاب الديك والدجاجة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الديك والدجاجة

الديك والدجاجة

في كتاب "الديك والدجاجة" لا يستطيع الكاتب والأديب فخري قعوار مفارقة أسلوبه الساحر حتى لو أراد أن يقول كلاماً جاداً، كأن يشرح العلاقة الشائكة بين المرأة والرجل، ورغم روح السخرية الطريفة، إلا أنني على قناعة بأن لا وصف لتلك العلاقة يشبه وصف ذلك العنوان المختصر

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 8
هل لدى الأَوانس قضية عونسة؟
 
اتصلت بي إحدى القارئات، وقالت - هاتفياً - إنها بالغة من العمر حوالي ثلاثين عاماً، وأنها غير متزوجة، وأن غايتها من الاتصال، أن أكتب مقالة حول تصرفات الشباب الذين لا يتزوجون لمدة طويلة، أو يتزوجون اجنبيات أثناء دراستهم الجامعية في بلدان أجنبية، حيث يعودون مع شريكات حياتهم، ويتلقون التهاني والتبركات، ولا ينفقون شيئاً بمناسبات عقد قرانهم، ويتجنبون ما هو معروف في مجتمعنا من احتفالات مكلفة· وقد أبدت القارئة استياءها الشديد من هذه التصرفات التي لا ينجم عنها سوى زيادة عدد العوانس الاردنيات!
 
وفات هذه القارئة أن تعلم، أن عدد الذكور في الأردن، يزيد عن عدد الإناث بما هو أكثر من مائة ألف، رغم أن عددنا الاجمالي يحوم حول الخمسة ملايين مواطن ومواطنة، وإذا افترضنا أن هؤلاء الأكثر من مائة ألف ذكر انقسموا إلى ثلاثة أقسام، قسم عدم الزواج نهائياً، وقسم الزواج المتأخر، وقسم الزواج من غير الاردنيات، فإن الشباب الذين يتصرفون بشكل اعتيادي وعفوي، يتساوى عددهم مع عدد الشابات الاردنيات المتطلعات إلى شركاء في حياتهم·
 
أي أننا لا نعاني من وجود مشكلة العونسة، ليس لمجرد أن عدد الذكور يفوق عدد الإناث، وإنما لأننا ما نزال نتمسك بالتهذيب والاخلاق الحميدة، ولأننا ما نزال نحترم بعضنا، أي أننا ما نزال نتبادل الاحترام والتقدير، بدليل وجود التكامل والتعاون، وبدليل أن ابن العم لا يتراجع عن ترجمة محبته لعمه، عن طريق طلب يد ابنته لمشاركته في حياته·
 
ولا استطيع أن انفي وجود عوانس أردنيات، ولا أستطيع أن انفي أن لدينا شباباً متزوجين من اجنبيات، ولا أستطيع أن انفي عزوف بعض الشباب عن الزواج المبكر، أوعزوفهم عن الزواج بشكل حاسم وأبدي، إلا أن هذه الحالات ليست مكثفة، وليست مكتظة إلى درجة أننا نكابد منها·· فالآنسة التي اتصلت بي، والبالغة من العمر تسعة وعشرين عاماً، لا تحسب ضمن قائمة العوانس، لأن فرصة زواجها ما تزال متوفرة لعدة سنوات قادمة، وإذا افترضنا أن كل الشباب الذين يعرفونها قد رفضوا طلب يدها، فإنها ستتحول إلى عانس، وهذا أمر يحدث أحياناً، ربما لأن الآنسة - أي آنسة - رفضت حزمة من طلبات يدها، بسبب رغبتها بشخص من نمط معين، وربما لأنها ليست جذابة أو جميلة أو معنية باناقتها ومكياجها، وربما لأنها معزولة في منزل والدها ووالدتها، ولا يتعامل معها أحد، ولا تربطها علاقات اجتماعية مفتوحة، و··· و···
 
وبالمقابل، فإن العنوسة أو العونسة تتراوح بين المرأة المتحررة والمرأة المحافظة، كما ورد في إحدى الصحف، حيث ترى اغلب النساء اللواتي يتمتعن بالحرية الكاملة، إن الزواج قيد لحريتهن، وتطرفن أولئك النساء، وانحرفن عن جوهر الحرية، وأصبحن يغالين في وجهة نظرهن، إلى درجة أن الرجال لم يعد لهم قيمة في حياتهن·
 
ويعود السبب الكامن وراء هذا المشهد الدرامي، إلى أكثر من امتلاك هذا الطاقم النسائي للحقوق، من خلال الدعم الاجتماعي والسياسي والثقافي· وفي الوقت نفسه فإن هناك طاقماً آخر من النساء أو من الأوانس اللواتي يعانين من الحرمان المزدوج، حرمان الحرية وحرمان الكرامة، لأنهن امضين شرخ شبابهن في مجتمعات محافظة·· وهناك فرق حاد بين العنوسة التي نجمت عن الحرية، والعنوسة التي نجمت عن المحافظة المتخلفة·
 
وبعد، فأنني أرجو من الآنسة التي اتصلت بي، وطرحت عليّ وجهة نظرها حول العونسة، أن لا تزعل مما قلت، وأن تشاركني الرأي الذي أدليت به، وأن تكون على علم، بأن قضية العنوسة في صفوف الأردنيات تحتاج لمزيد من التأمل والمعالجات، رغم أنها قضية متواضعة بالقياس إلى قضايا العونسة التي شهدتها أوروبا في الحرب العالمية الثانية، بعد قتل عشرات الملايين من الجنود الذكور!
 
نيسان 2004

الصفحات