يتناول الباحث العراقي حسن كريم عاتي في كتابه هذا دراسة نقدية لرواية "سابع أيام الخلق" للكاتب عبد الخالق الركابي؛ وتعتبر هذه الدراسة قيمة جدًا على المستويين الكمي والنوعي، لهذا المنجز الروائي، لما يمتاز به من خصائص فنية على مستوى البناء والسرد، وكذلك لإستثم
أنت هنا
قراءة كتاب أثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية سابع أيام الخلق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
أثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية سابع أيام الخلق
الصفحة رقم: 1
المقدمة
يمتاز المنجز الإبداعي للروائي عبد الخالق الركابي بميزتين أساسيتين، هما: التنوع والغزارة· فهو منذ صدور مجموعته الشعرية الأولى (موت بين البحر والصحراء) سنة 1976، تواصل في نتاجه الأدبي ورفد المكتبة العربية بالعديد من الأعمال الأدبية، بل زاد في ذلك من خلال انتقاله في مختبره الإبداعي بين الأنماط الأدبية من قصة قصيرة ورواية ومسرحية· إضافة إلى نصوص قصصية منفردة ولقاءات صحفية عبر فيها عن رؤياه الجمالية في منجزه وفي غيره·
غير أن ما يلفت النظر في ذلك المنجز، على تنوعه، أن الركابي لم يكن به ميل إلى تكرار الإنتاج في نمط واحد يقدم فيه أكثر من عمل سوى الرواية؛ فقد أصدر مجموعة شعرية واحدة، آنفة الذكر، هي البكر في نتاجه الأدبي، ومجموعة قصصية واحدة (حائط البنادق) سنة 1983، ومسرحيتين أولاهما (البيزار) سنة 1998 والثانية (نهارات الليالي الألف) سنة 2001· في حين أصدر ثماني روايات هي على التوالي: (نافذة بسعة الحلم) سنة 1978، (من يفتح باب الطلسم) و(مكابدات عبد الله العاشق) سنة 1982، و(الراووق) سنة 1986 و(قبل أن يحلق الباشق) سنة 1990، و(سابع أيام الخلق) سنة 1994 - التي تعد من بين أعماله الأكثر تميزاً - و(أطراس الكلام) سنة 2002 ، و(سفر السرمدية) سنة 2005، مما يؤكد ميله إلى استخدام الرواية أداة تعبير يحقق من خلالها قدرة القول مفصحاً بذلك عن رؤياه الجمالية عبر تقنيات كتابتها·
وقد استثمر في ذلك التنوع بين الأنماط، تنوعاً آخر في أساليب كتابتها، بين المستل من عمق التراث، وبين المستحدث على وفق آخر تطورات التقنية في الكتابات السردية·
اعتمد الركابي، في تلك الأعمال جميعها، التعبير عن البيئة العراقية، على المستويين المحلي والوطني، كانت من بينها الأعمال الروائية الثلاثة قبل الأخيرتين، التي اعتمدت، مثلما اعتمدت سابقاتها وفي إطارها الجغرافي، على البيئة المحلية نفسها وتحديداً منطقة طفولته وصباه، غير أنها اتصلت مع بعضها عبر وشائج تحاول بها أن تحيل القارئ إلى أماكن أكثر اتساعاً، وإلى زمن أكبر مما استغرقته فعلاً؛ فأصبحت أعماله بذلك ترتبط بتاريخ واسع لجغرافية محددة قابلة للانفتاح·
إن المنجز الإبداعي آنف الذكر للركابي، على المستويين الكمي والنوعي خلق له حضوراً متميزا في الواقع الثقافي العراقي تحديداً، وإن لم يكن ذلك الحضور واضح البروز على المستوى العربي، لأسباب لا يمكن عدّها ثقافية؛ فهو صوت مهم من بين الأصوات العربية التي قدمت تجربتها الجمالية عبر الكتابة الروائية· وقد كانت روايته (سابع أيام الخلق) إضافة نوعية مهمة للرواية العراقية والعربية معاً، لما تمتاز به من خصائص فنية على مستوى البناء والسرد فيها، والذي قال عنها في حوار معه في مجلة الموقف الثقافي (العدد/6 سنة 1998 ص108): سبق لي أن كتبت روايات محدودة الطموح، لكن الأمر يختلف مع روايتي الأخيرة (سابع أيام الخلق) فهي تمثل النقطة الأساسية في نتاجي الروائي وكذلك استثمارها جملة معارف لا تمت بصلة مباشرة إلى هذا النمط الإبداعي، من بينها الأسانيد التراثية والمعارف الصوفية، وتحديداً وحدة الوجود، مما جعلها لا تعد ـ من وجهة نظرنا ـ جزءاً من ثلاثية أو امتداداً لها، فأصبحت نتيجة لتلك الخصائص نصاً مكتفياً بذاته دون إحالات إلى ما سبقها من عملين روائيين (الراووق) و(قبل أن يحلق الباشق) وإن تشابه الموضوع بينهما؛ فالرواية، على الرغم مما تشيعه من فوضى ظاهرية، أشار إليها المؤلف في المتن الروائي، غير أنها خضعت إلى بناء فني دقيق يكاد يضيع في تلك الفوضى الظاهرية على القارئ غير المتمرس، وجعل من إمكانية الوصول إلى معرفة تلك الدقة يتطلب القراءة المتأنية لغرض الوصول إلى معرفة ما تقوله وحاولت البوح به، وهو ما حاولنا القيام به·