تتحدث رواية "حفيد البي بي سي" للروائية العراقية ميسلون هادي؛ عن صداقة النساء مع الراديو من خلال شهرزاد الجدة التي ولدت في الناصرية وتزوجت ممتاز قارئ المقام من كركوك ثم خلفا ست بنات وثلاثة أولاد توأم وبعد ذلك إثنين وعشرين حفيداً بينهم بطل الرواية عبد الحليم.
أنت هنا
قراءة كتاب حفيد الـ (بي بي سي)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
فحل التوت
بومة·· كيف ضيعت تلك الفرصة من يدك قبل سنوات؟
في ذلك اليوم الأغبر الذي تحركت فيه الحافلة قبل أن يصلها، كادت روحه أن تطلع فوق الدكة الحجرية المخصصة للانتظار·· جلس عليها ثم وقف وهو يتأفف، ثم لاذ بساعته اليدوية يعبث بها ليخفف بذلك بعضاً من التوتر الذي ألمّ به، وفي تلك اللحظات العصبية سمع عبدالحليم سؤالاً انطلق بصوت نسائي ناعم يأتي من مكان قريب··
- كم الساعة، من فضلك؟
ارتبك بشدة لهول هذا السؤال غير المتوقّع، وارتفع قلبه ثم هوى وكأن أحداً ما قد أخبره فجأة بأنه جالس قرب مادة (T.N.T) شديدة الانفجار· أجاب:
- السادسة إلاّ ربعاً·
خرج صوت متحشرجاً دون أن يجد الوقت الكافي لتنقيحه بعد طول الصمت·· ثم بدأ يفكّر بغرابة ما يشعر به من اضطراب لدى سماعه صوتاً ناعماً بدلاً من الاحتفاء بالفرصة التي يجب اقتناصها ودونما أي احتراس، فهل يقرر في ثانية واحدة أن يُقْدِم على التحدث مع تلك الفتاة؟ وكيف يفعل ذلك وقد مرّ وقت طويل على آخر لحظة يعدها من أجرأ اللحظات في حياته، عندما أعطى رقم هاتفه لبنت أُعجب بها أيام الجامعة، فاتصلت به فعلاً في المساء وكتب رقمها باسم مستعار هو البنفسج، وأصبح لا يستطيع أن يمنع وجهه من التحول إلى اللون البنفسجي كلما ذكر الطلاب اسم تلك البنت أمامه· ولكنها ليست زميلة دراسة أو عمل ليحدثها عن محاضرة من المحاضرات، أو عن ملف من الملفات أو ملزمة من الملازم·· إنها غريبة عنه تماماً وليس بينه وبينها سوى سؤال عابر عن الوقت فبماذا يتحجج؟·· وكيف يفتتح معها أول الكلام بدون خطة محبوكة ومضمونة النتائج؟·· ومن أين تأتي تلك الخطة، ولقد مر زمن طويل على أيام الخطط الصبيانية التي كان نادراً ما يصيبها النجاح؟·· وهل هناك أمامه وقت للتفكير بذلك كله في موقف باص قد يغادره أو تغادره هي بعد لحظات؟· نظر إلى يديها وهو يحس حماسته لتلك المغامرة تتصاعد كالحمى· رأى خاتماً من الفضة يعلوه لون شذري يلمع في إصبعها، ولا يدري بعدها كيف بدأ السؤال في ذهنه أو كيف تخلّى عن خجله وأقدم على السؤال:
- آنسة·· أتسمحين لي بسؤال؟
أجابته دونما حرج:
- تفضل··
- من أين ابتعت هذا الخاتم؟
- لماذا؟
- لأني أبحث عن واحد يشبهه تماماً·· أعني أن لون خرزته الزرقاء هي ما أبحث عنه·