أنت هنا

قراءة كتاب منامات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
منامات

منامات

رواية "منامات" للروائية العمانية جوخة الحارثي؛ الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2004؛ نقرأ منها:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
إنه يتصاعد قويا وعارما من تلك الكلمة الراجفة، ويفوح منها أينما اتجهت الطرق، تلك التي سميناها الماضي
 
هكذا أسميناها، لكنا أودعناها الروائح، وألصقنا بها بقايا ما نطقت العينان، وامتلأت بالكلمات المتمددة الشقية أبدا في براح الروح·· من لي بما جَنَت وجُنَّت؟
 
أتلك أنا؟ أذلك كان أنت؟ أو كان ما أذقتنيه حقيقة؟·· حقيقة الشوك المسمم، والخناجر الفرِحة·
 
حيا كان الألم كحواف أعصاب تُمس، وحية كنت لأرقب ناري، وبعيدة عن أرضها الآن أحمل جمرها وما التصق فيه من لحم قلبي محترقا، تخنقني رائحة الشواء، ولكن قرباني لا يصل، ولا يُقبَل، ويرتد إلي خاسئا وهو حسير·
 
مناماتي المتكررة لا تقول مزيدا كل مرة، تمزقني بإتقان وحسب· وحين نأت سمائي عن أرضها ونمورها الجارحة تقاطرت النجوم لفرط ذوبها وعمق نهشتها الباقية، أبدا تعوي فيَّ مساحات الحلم البعيدة، وأبدا تزئر في فضاء كلما اقترفت وهم الابتعاد زلزلت سكونه منامات·
 
جاء، وضع يده على رأسي، وهمس باسمه، ولم يذهب، وحين أسمع همسه أخيرا بعد كل تلك السنوات، سأسمع: اسمي هو الذل اسمي هو المسفوح، ولوني هو المباح، ورسمي هو الدارس، وحرفي هو الشامس، وفي غروب الاسم أفاق شروقي، وفي درب شروقي حصى من اسم قديم، حصى لا يُخلَط به المسك الأذفر، ولا عنبر، حصى منزوع القدسية، مسفوح هو اسمي·
 
وصراعي معه عبث، ودربي إليه خوض للبحر، وكان الرمل من تحتي لينا ومراوغا، وكان الموج من فوقي هينا يتظاهر بالعلو، حتى إذا ما وصلت أو خلتني، قرأت من صدر حافظ سورا في الصبر، حتى غرقت بغتة ولم يكن مركبا·
 
كانت مستطيلات الضوء تتكسر عند نقطة معينة، وكان للإجهاد حضور صارم بعد ساعات من الضبط والقياس، وإعادة البرمجة، حك عينيه دافعا رأسه للوراء، وقال بهمس: سيكون مشروعا عظيما، ثم أمسك أحد أقلام الرصاص المدببة وحط إشارات مختصرة على الخريطة المبسوطة أمامه، وقال كأنما أبصر عوني المبذول بغتة: أنا فخور بك
 
لقد هوت تلكم الكلمات المعدنية محدثة دويا هائلا، لم ينِ يحفر داخلي بأطرافه الباردة المدببة، كان لفخ الفاء في فخره صدأ أراني تآكل سجف الغد، ولخور الخاء خوار يكشف خشية التقدم، وفي وحل الواو غار وجيبي، وعلى حد الراء المرائية الجهرية تكشف سري، وعلمت مذ لاحت الكلمة أن الجرح عنها بعيد، وأن نبرها سيظل يهوي في طاعنا إلى الأبد، وأوقفت نفسي عن كلام مباح يقول: لا علاقة للحب بالفخر، والشكر المبذول

الصفحات