أنت هنا

قراءة كتاب منامات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
منامات

منامات

رواية "منامات" للروائية العمانية جوخة الحارثي؛ الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2004؛ نقرأ منها:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
هذه سمائي تلتمع بنجم أمانيّ، ويداي الصغيرتان تغطيان النجم المهيب ويصبح لي، وحين أغمض عينيّ، أحلم حلمي الأبدي بلا انتهاء، أني خفيفة، أرتفع وأطير بعيدا بعيدا في سماء جد صافية، وبها من الروعة ما لا يحتمل·
 
وحين عدت وجدت أختي مجهشة في البكاء، أخذت أتأمل قميصها الضيق، على صدره ضفدع ضخم فاتح فمه القبيح على اتساعه، فكرت إنها ترتديه دائما، ولم أحب صوت بكائها المتغنج، ولكني كأخت كبرى وضعت يدي على كتفها : مابكِ يا حبيبتي؟··
 
ارتمت على فراشها : لا شيء·· لا شيء·· أدركت أن عليّ الكثير من المناورة حتى أستطيع تهدئتها، بعد جميع المحاولات التقليدية في هذا الصدد، قالت : زوج أمي·· إنه لا يحبني·· يقول لأمي أني عصبية وأنفعل بسرعه، وهذا دليل على رغبتي بالزواج!·· ابتسمت: لا يقصد ذلك·· لا تقلقي·· مازلت في الثانوي!··
 
صاحت : بل يقصد، لن أسكن معهم، سأذهب إلى البلد مع عمتي··
 
وكمن يخرج الورقة الرابحة قلت ببطء : وتتركين مدرستك وصديقاتك·· تتركين أبلة ليلى؟··، نظرت إليّ بغيظ، الحب دائما نقطة ضعفنا، لم يكن الضفدع المرسوم على صدرها قبيحا إلى ذلك الحد، أخذت ترتب مجلاتها كأن شيئا لم يكن·
 
في اليوم التالي كنا ننسق بعض علب الأحبار والألوان، قال : في دراستي الثانوية وجهني معلم الرسم إلى تذوق الألوان·· قلت بسرعة : أختي الصغرى متعلقة كثيرا بمعلمة الرسم في مدرستها
 
قال بجدية : لا بد أنها جيدة·· هل علّمتها الكثير في الفن والتذوق؟··
 
ترددت : في الحقيقة هي لا تدرسها، هناك ثلاث معلمات للرسم في المدرسة، وأبلة ليلى تدرس صفوف الإعدادي فقط·· ولا أعرف طبعا إن كانت جيدة أم لا، ومي لا تعرف أيضا
 
- أختك اسمها مي؟
 
- نعم·· أبي رحمه الله كان يقرأ كثيرا لمي زياده وكان معجبا بها··
 
سكت، وقرأت في صمته عدم الموافقة في الرأي، أحسست بذلك الإحساس الخفي من الذنب الذي يفاجئني كلما قلت مالا ينبغي أو أكثرت من الثرثرة، وانشغلت بالترتيب، وكانت عيناي تلتقط تلقائيا مكان صنع كل قارورة، وغرقت في تخيلات لأماكن بعيدة لم أرها قط·
 
جلس على الكرسي دافعا رأسه إلى الوراء، فانتبهت إلى أننا انتهينا، وأوقفت يدي عن الحركة·
 
قال: إذن تحبها وهي حتى لم تدرسها، لا أظن أن هناك فرصة كافية للحديث بين المعلمات والطالبات في المدرسة ؟··
 
لم أحب الاستمرار في مناقشة هذا الموضوع، كما ضايقتني نبرته الاستفزازية، فقلت : توجد فرص·· في الفسحة·· أثناء انتظار الحافلات·· قبل الطابور·· لكن مي تتهرب أصلا من الحديث مع أبلة ليلى··
 
ضحك بسخرية آلمتني : ترتبك إذا كما يفعل المحبون فعلا·· تراقبها من بعيد، .. تتسقط أخبارها·· لا ينبغي التمادي في ذلك··
 
كنت مستندة على الطاولة وبدأت أظافري الآن تنقر على خشبها بعنف: من الذي يحدد ما الذي ينبغي وما الذي لا ينبغي ؟·· إنها مرحلة عابرة وقد تكون طبيعية في هذا العمر·· المراهق يبحث عن مثال، عن نموذج، وقد يرى ذلك في أستاذه، فيتعلق به بطريقة قد يكون مبالغا فيها·· وعلى أية حال·· من يوقف الحب؟
 
لم تكن جملتي الأخيرة مقصودة، و لكنها أربكتنا معا، همس : من يوقف الحب؟
 
كأن سيلا مندفعا هائجا قد انبثق من أعلى الجبل وحطّم من الصخور ما حطم، ووقفنا نحن أمامه بكل ضعفنا البشري، هل يوجد أمام طيننا الفاني غير الذوب في السيل العظيم؟
 
من يقف أمامه؟·· من يوقف الحب؟
 
خيول الروم تعرفني وإن يتبدل الميدان·

الصفحات