أنت هنا

قراءة كتاب نحو تحقيق الأماني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نحو تحقيق الأماني

نحو تحقيق الأماني

منذ أن اطلعت للمرة الأولى على هذا الكلام في أوائل السبعينيات من القرن العشرين وهو يؤثر بي تأثيراً عميقاً· وإذ أنظر مجدداً إلى حياتي فإني أرى دائماً أنني كنت قاب قوسين أو أدنى من كارثة شخصية· إني أفكر كيف أن عالمي الخاص قد اهتز بسبب الانقلاب العراقي الوحشي ف

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
إن جدّاي كانا مختلفين تماماً· فجدي لأمي محمد علي كان إنساناً منفتحاً على العالم، كما أنه كان معروفاً في الوسطين الاجتماعي والدولي· إنه بصفته عضواً في مجلس المبعوثان العثماني قد ترك كركوك واستقر في اسطنبول، المدينة الأوروبية الطراز، كما أنه حظي بخبرة دولية· وقد سافر إلى انكلترا بزيارة رسمية بصفته عضواً في وفدٍ من أعضاء البرلمان العثماني· ولديّ صورة تمثله مع بقية المجموعة وهم يقفون أمام دار البرلمان البريطاني ومعهم وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفورد· وقد قام بزيارة ألمانيا وسويسرة مع الوفد نفسه·
 
توفي محمد علي قبل سنتين من ميلادي؛ ولكنني أعرف عنه، كما أعرف عن سمعته كزعيم شعبي·
 
أما شقيقه محمد جميل، وهو جدي لأبي، فقد كان شخصية انطوائية إلى حدٍ ما - فهو يفكر بالأمور المالية ويحسب حساباً للكلفة فهو أقرب إلى كونه من رجال الأعمال· ففي حين أن شقيقه سافر إلى اسطنبول وإلى بغداد، إلا أنه هو ظل مقيماً في كركوك؛ وكانت عبقريته تتركز على شراء الأراضي· لقد أدرك أن كركوك بعد أن تتنامى حجماً فهي ستحتاج إلى أراضٍ، لذا كان هدفه شراء الأراضي في جميع أطراف المدينة· كان يشتري الكثير من القطع في الصحراء التي لم يكن فيها طرق أو بنية تحتية فظن الناس أنه مجنون وهو يقوم بالاستثمار على هذا النحو· أما رأيه هو فهو أن كركوك ستأخذ بالنمو وذلك بسبب النفط وأن استثماراته ستأتي بالفائدة· لقد امتلك أراضٍ وبنايات في مركز المدينة نفسه·
 
وكان من المعروف أنه حين يشتري محمد جميل أية ممتلكات عقارية فإنه يسجل نصفها باسم شقيقه· كان هناك تعاوناً وثيقاً بين الشقيقين: الرجل العام ورجل الأعمال الذكي· كان هناك أخوة آخرون ولكن هذين الشقيقين كانا على صلة وثيقة بشكل خاص·
 
إن بعض قطع الأراضي التي اشتراها سابقاً جميل قد استولت عليها بعد ذلك الحكومة· ولكن بعضها في كركوك ذاتها لا تزال عائدة إلينا، ولعلها ستكون ذات فائدة للأسرة حين يسود السلام والأمن في العراق·
 
هذا وفي الوقت الذي كان معظم الناس في كركوك، وحتى في بغداد، كانوا يستخدمون العربات التي تجرها الخيول لغرض النقل، فإن محمد جميل ينظر دائماً بعيداً، لذا فقد امتلك سيارة يقودها سائق· لقد اشترى سيارة شفروليت في عام 1937 وظل يحتفظ بها حتى عام 1946 حين اشترى بدلاً عنها سيارة فورد حديثة الطراز وجديدة·

الصفحات