أنت هنا

قراءة كتاب الرفيقان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الرفيقان

الرفيقان

منذُ ولادتِيَ وأوائلِ سنينِ طفولتِيَ كانَ أكثرُ الأسئلةِ تَحييراً وإحراجاً لِيَ هو ما اسْمِيَ وأصْلِيَ، أيْ اسْمُ قبيلتِيَ.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1
مقدِّمةٌ
 
منذُ ولادتِيَ وأوائلِ سنينِ طفولتِيَ كانَ أكثرُ الأسئلةِ تَحييراً وإحراجاً لِيَ هو ما اسْمِيَ وأصْلِيَ، أيْ اسْمُ قبيلتِيَ. في تلكَ الأيّامِ علمْتُ من إمامِ مسجدِ القريةِ القديمِ أنَّ أصْلِيَ وأصولَ أجدادِيَ، وكما بقيّةُ الأحياءِ الأخرى، تعودُ كلُّها إلى الماءِ!؟. لذلكَ حاولْتُ اقتفاءَ آثارِ آبائِيَ وأجدادِيَ كيْ أحدِّدَ شجرةَ عائلتِيَ، لكيْ أتَمكّنَ من مواكبةِ متطلباتِ الحياةِ والمُجتمعِ البشريِّ من حولِيَ. تَطَلَّبَ منّيَ الأمرُ أنْ أذهبَ بفكرِيَ وذهنِيَ إلى قيعانِ البحارِ والمُحيطاتِ وأنْ أفتّشَ في الواحاتِ والسّبخاتِ وأُسائلَ جداولَ الماءِ والمستنقعاتِ، وأنْ أناجِيَ حتى الأقداحَ التي كنتُ أحاولُ دائماً الارتواءَ من مائِها. وما أنْ تقدّمَ بِيَ العمْرُ قليلاً واتّسعتْ عندِيَ دائرةُ العلْمِ والتّفكيرِ والصّحوةِ والفلسفةِ حتى اكتشفْتُ أنّني وأجدادِيَ تَمتدُّ جذورُنا جَميعاً إلى ما هو أعمقُ من ذلكَ وبكثيرٍ، وبشكلٍ يفوقُ قدرةَ الوصفِ والخيالِ البشريِّ. تعودُ جذورِيَ إلى حتى ما قبْلَ عصورِ "البارْيوناتِ والكوارْكاتِ"! الذي سادَ عقِبَ اللحظةِ التي تَلَتْ الانفجارَ الكونِيَّ الكبيرَ، باللغةِ الألْمانيّةِ "الأورْكْنال" (der Urknall)، الذي أدّى إلى نشوءِ الكونِ كلِّهِ. حدَثَ ذلكَ التكوينُ والتطوُّرُ في أتونِ "تَنّورٍ" وعلى حرارةٍ كافيةٍ لصهْرِ وإذابةِ وتبخيرِ كافّةِ أشكالِ التعصُّبِ الأنانِيِّ والقَبَليِّ والفاشِيِّ والعنصريِّ العِرْقيِّ والشوفينِيِّ. بعدَها عُدتُ ثانيةً لأسألَ إماماً جديداً للمسجدِ الصغيرِ، والذي خَلَفَ الإمامَ القديمَ الراحلَ، إنْ كانَ لديهِ أيُّ علمٍ أو معرفةٍ بذلكَ "الاكتشافِ"!؟. أجابَ مبتسماً وقائلاً أنَّ الأمرَ أكبرُ عمقاً وأكثرُ بساطةً وأعظمُ جديّةً من ذلكَ وبكثيرٍ؛ ذلكَ ما جعلني أعودُ بعمقٍ وبساطةٍ وجدّيةٍ أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى للاعتقادِ بأنّني كنتُ موجوداً قبلَ ذلكَ العصرِ الكونيِّ، في ذاكرة اللهِ أو في "اللوحِ المَحفوظِ". الآنَ أيقنتُ أنّني كنتُ على حقٍّ منذُ بدْءِ حياتِيَ عندَما رفضتُ أنْ أقبلَ أنْ يكونَ أصْلِيَ أقلَّ عراقةً من ذلكَ. أنا، وبكلِّ تواضُعٍ وفخرٍ، وُلدْتُ ورُبِّيْتُ على أنْ أكونَ صاحبَ مَجْدٍ وكبرياءٍ وعظمةٍ ..... حيّاً وبعدَ الفناءِ.
 
المؤلِّفُ

الصفحات