رواية "ليلة الجنون" للكاتبة الكويتية منى الشافعي؛ الصادرة عام 2008 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب ليلة الجنون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
ليلة الجنون
الصفحة رقم: 4
لم أستطع أن أكدرها برفض هذه الأشياء، بصراحة، مع الوقت صرت أتأمل هذه التحف بلهفة وشغف، فتلك السجادة الثمينة ونقوشها الحريرية لا تقدر بثمن، لجمالها ونعومتها، وتلك الفضيات المتناثرة على الطاولات والرفوف، كل واحدة فخورة بنقوشها، كم أعشق ذلك الإطار الخشبي القديم، الذي اخترته بنفسي من بين تحف والدتي ووضعت به صورة تجمعني بأبي وأنا صغيرة، وهو مزخرف بزخارف أسطورية سحرتني، علقته أمام سريري، حتى إنني كلما صحوت من نومي، يصافحني وجه والدي (يرحمه الله)، أما هذا الإطار الفضي الذي يرتاح فوق الكومدينة على يمين السرير وبداخله صورة والدي وهو يقبل والدتي في إحدى المناسبات الأسرية، فقد كان يتلألأ بألوان أشعة الشمس عند كل فجر يوم جديد، ينبهني أن الوقت قد حان لأن أبدأ نشاطي اليومي، وكم أعشق بزوغ الفجر، دائما تقفز صور جميلة في سماء أفكاري عندما يصافحني وجه الفجر وهو يغازل ابتسامتي·
أزحت الغطاء عن جسدي، سقطت الأباجورة التي لامسها الغطاء، حمدت الله أنها لم تخدش أو تنكسر، فهي من أغلى تحف الوالدة، وقد أحضرتها من مدينة البندقية من جزيرة مورانو بالذات، ولا أنكر أنني أعجبت بها وبألوانها وشفافية زجاجها·
بعد أن خرجت من غرفتي، كانت والدتي منهمكة مع إحدى الخادمات، ترتب إحدى زوايا الصالة، تدني كرسيا، وتغير مكان الطاولات الصغيرة، تضع تحفة هنا وتنقل أخرى إلى زاوية أقرب للنافذة، وكأنها ستعيد ترتيب المكان بأثاثه ورياشه وتحفه، انتبهت لوجودي قربها، عندما استدارت لتشرح لأحد الخدم مهمته الليلة، وعندما لمحتني وحقيبة يدي متدلية من كتفي، ابتسمت وبنبرة فرحة :
- لا تتأخري يا حبيبتي، طارق سيحضر الساعة الثامنة، رتوش بسيطة في غرفة الطعام، لن تأخذ مني سوى ساعة، ويصبح كل شيء جميلاً·
أجبتها بهدوء وأنا أقبلها :
- ليس هناك أبدع مما كان، لا تقلقي لن أتأخر، سأكون عند ليلى لبعض الوقت، إلى اللقاء·
لا أدري لماذا كنت هادئة وابتسامة مشرقة موزعة على كل ملامح وجهي وكأنني أتقافز من الفرحة، أية فرحة هذه؟! قبل أن أدير المقود، ارتجفت يدي، شعرت بوجودها همست بثقة:
- الساعة الثامنة، استعدي، لا تتأخري·
كأنني شعرت بابتسامتها تعلو الفراغ الذي يحيطني تفاءلت، أدرت مقود سيارتي الحمراء الصغيرة في طريقي إلى بيت ليلى·