أنت هنا

قراءة كتاب الحاسة صفر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحاسة صفر

الحاسة صفر

"الحاسة صفر" يتناول فيها تجربة خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي صيف عام1982 وما تلاها من تشتت المقاتلين الفلسطينيين في منافي الدول العربية وانهيار خيار الكفاح المسلح من أجل استرداد فلسطين.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
- 1 -
 
هي الَّتي ابتدأت، فأورثتني ثورة البحث والهذيان، أَبدأُ من حيث انتهت، وأَنتهي حيث ابتدأت: دوَّامة للشكِّ، دائرة للغثيان
 
مَنْ يريد أن يعودَ إلى مَنْ، وكلَّما مشيتُ خلفها وخلف عيسى قاداني من فراغ إلى فراغ؟
 
أُريد من الحياة ما أُريد أنا لا ما تريد هي، وأُريد من الموت ما أُريد أَنا لا ما يريد عيسى
 
كلَّما أطبقتُ عليه كفَّاً وجدتُهُ يتسرَّبُ من بين أصابعي كالماء، وكأنَّه خواءٌ، كأنَّه كذبةٌ أبديَّة صدَّقتُها وتهت فيها، وكلَّما أوغلتُ في متاهاتها أكثر لم أجد فيها إلاّ طريقاً يقود إلى طريق عيسى مات
 
هي التي ابتدأت، فأورثتني ثورة الشَكِّ والهذيان
 
أما كان يمكن للقلب يوماً أن يستقرَّ؟ أما كان يمكن له أن يعود ويرمي بقميصه المسكون برائحته على وجهها ليرتدَّ إليها البصر الذي فقدته وهي تبكيه؟ أما كان للفضيحة أن تظلَّ طيَّ الكتمان؟ أما كان لنا أن نطوي حياتنا كالآخرين بصمت، ونموت بدون أن نمتصَّ الخديعة حتَّى آخر قطرة فيها؟
 
كلُّ شيء تلوَّث بدم ك...ذ...ب، واغتسل بدمع ك....ذ...ب
 
منذ عام الموت ما انفكَّت تبكيه
 
دارت من باب إلى باب، من شارع إلى شارع، من بلد إلى بلد، كانت تبكيه حين تنام، وحين تصحو، وحين تجوع، وحين تأكل، وحين تصلِّي، وحين تقوم اللَّيل بطوله باحثةً عنه بين يدَيِ الله، وكفَّاها مرفوعتان إلى السَّماء
 
كانت تبكي لأنَّها لم تجد سبيلاً إليه سوى البكاء
 
انتظرت عاماً بطوله بعد أن خرجت الثَّورةُ من عمَّان إلى لبنان، وغابَ الَّذي غاب، وعادَ الَّذي عاد، قالت: سيعودُ مع الَّذين يعودون، لكنَّه لم يعد... قالت: سيرسل رسالةً مثل الآخرين، لكنَّه لم يرسل خبراً واحداً يطفئُ نار قلبها الَّتي كانت تزداد لهيباً كلَّما عاد رجلٌ من بيروت،
 
كانت كلَّما قُرعَ البابُ تقفز من مكانها وتركض صارخةً: هذا عيسى.... ثم تعود ووجهها يفضح خيبتها
 
في كلِّ زاوية كان، في كلَّ ركنٍ، وعلى كلِّ جدار، ورائحته تملأُ البيت، وأشياؤه ظلَّت مبعثرةً كما كانت يوم غاب، وثيابه معلَّقةٌ على الجُّدران، واسمه يتردَّد طوال النَّهار وكأنَّه كان وحده هناك وكنَّا نحن الغائبين

الصفحات