في هذه الرواية التي تحلم بالتغيير في وطننا العربي، قسم يحمل عنوان "زمن الغضب والثورة" أسترجع من خلاله زمن السبعينيات... زمن الحلم بالثورة والتغيير الجذري من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على كل أشكال القهر والاستبداد.
أنت هنا
قراءة كتاب الناجون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الناجون
الصفحة رقم: 6
- نحرق دواخلنا لنطفئ الغضب! يا للعجب!
- فعلا، نحن نحرق دواخلنا غير آبهين بالخطر الذي يشكله التدخين علينا في مثل هذه السن. هل تدري أن طبيب الأمراض النسائية أخبرني أن استمراري في التدخين بعد سن اليأس، يعرضني لاحتمال الإصابة بسرطان الرحم أو الثدي؟ ومع ذلك، لم أجد الشجاعة الكافية للإقلاع عنه رغم أني أعايش المصابين بأمراض السرطان وأرى معاناتهم. والغريب أن هذه المعاناة هي التي تدفعني إلى التدخين. يخيل إلي أني قد أجن إن لم تسعفني السيجارة للتخفيف من ضغط ما أعيشه يوميا.
- هل أنت طبيبة؟
- لا.
- ممرضة إذن؟
- ولا ممرضة! أنا عضو في إحدى الجمعيات الخيرية التي تهتم بمرضى السرطان. وزيارتي لفرنسا تدخل في هذا الإطار. منذ أربعة أيام لم أدخن أية سيجارة. أردت أن أستغل فرصة تواجدي بعيدا عن مشاكل المستشفى ومشاكل البلاد، لأوقف التدخين. قبيل ركوبي الطائرة، قررت أن أودع السيجارة نهائيا. اختليت بسيجارتي الأخيرة في أحد أركان غرفة الانتظار، اختلاء عاشقة بعشيقها ليلة الوداع الأخير. أخذت الوقت الكافي لأتلذذ بمذاقها قدر المستطاع، ثم قبلت العلبة التي لم أدخن منها سوى تلك السيجارة، ورميتها في صندوق القمامة. وهذه أول سيجارة أدخنها منذ ذلك الوقت. لقد هزني خبر احتضار أحد المرضى بالسرطان... المشكل أني أربط دائما، علاقات حميمة مع المرضى، فأجد نفسي أعيش الحداد باستمرار!..
- يا لك من امرأة حساسة للغاية! ولكن، ما الذي يجبرك على أن تعيشي هذه الآلام؟
- ماذا أقول؟ هل تؤمن بالقدر؟ هذا قدري! أن أعيش معاناة الآخرين حتى النخاع. لا شك أنها لعنة السبعينيات! تغرز فيك شوكتها حتى العظم، وتطوح بك في أرض الله الواسعة وهي مطمئنة تماما، إلى أنك لن تفقد بوصلة الطريق إليها!