أنت هنا

قراءة كتاب الناجون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الناجون

الناجون

في هذه الرواية التي تحلم بالتغيير في وطننا العربي، قسم يحمل عنوان "زمن الغضب والثورة" أسترجع من خلاله زمن السبعينيات... زمن الحلم بالثورة والتغيير الجذري من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على كل أشكال القهر والاستبداد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
توقف عند لحظة مغادرتها للمقهى. لقد كان انصرافها المفاجئ صادما له، إذ كان وهو يتحدث إليها بالعربية يشعر بلذة غريبة... فقد وجد نفسه يتكلم تلك اللغة التي اعتقد أنه نسيها. في البداية، كانت لغته مزيجا من الفرنسية والعربية... لكنه مع مرور الوقت، أحس بلسانه العربي يطغى على اللسان الفرنسي... حتى وجد نفسه يتكلم الدارجة المغربية بطلاقة، وكأنه لم يهجرها يوما. كانت الكلمات تتدفق تدفق النهر وهو يجري صوب البحر كي يرتمي في أحضانه. لكن انصرافها المفاجئ، أوقف ذلك الدفق. لذلك انتابه إحساس الغرق. كيف نوقف النهر الهادر دون أن يحدث الطوفان؟ ألهذا السبب وجد نفسه دون أن يدري، يستجدي لقاء آخر؟ استعاد إحساسه في تلك اللحظة. لقد شلت المفاجأة حركته، وأربكت مشاعره. لم يحرك ساكنا وهي تودعه. ولكن، ما إن خطت بضع خطوات، حتى انتابه إحساس الطفل الذي تخلت أمه عنه بعدما وضعته في مكان غريب. وجد نفسه يصيح بها مستعطفا وقد استوطنت غصة حلقه: "ألا نلتقي مرة أخرى!"
 
أحس بالندم وهو يسترجع تلك اللحظة المشحونة. ماذا أصابه حتى يظهر بذلك الضعف؟ ولماذا الضعف أصلا؟ وما حاجته إلى تلك المرأة؟ وما حاجته إلى إحياء تلك اللغة التي ماتت منذ زمن بعيد؟
 
فتح عينيه. رأى خطوطا رمادية تتسرب عبر شباك النافذة، مكسرة لون السواد الحالك، ومعلنة طلوع فجر جديد. امتص آخر جرعة من دخان السيجارة، قبل أن يطفئها في المنفضة وهو يضغط عليها بكل ما أوتي من قوة. سحقها كمن يسحق بعوضة أرقته طيلة الليل، بأزيزها ولسعاتها.

الصفحات