كتاب "المثل الشعبي الفلسطيني" للكاتب محمد كمال جبر، الصادر عن دار الجندي، من المعروف أن الموروثات الشعبية تعبر عن تجربة، وقيم، ومعتقدات الشعب خلال مسيرته الحياتية، والمثل الشعبي أحد مكونات هذا التراث، وأحد منابع الحكمة الشعبية (كما يعتقد قائلها).
أنت هنا
قراءة كتاب المثل الشعبي الفلسطيني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
المثل الشعبي الفلسطيني
الصفحة رقم: 2
المهم أنني جمعت ما يربو عن أربعة آلاف جملة يقولها الناس كأمثال، ثم جاء دور الفرز والاختيار، فكان علي أن أقرأ تعريفات المثل، وفي النهاية وضعت تعريفا للمثل الشعبي الفلسطيني يتلخص في كونه جملة موجزة، محكمة البناء، بليغة المعنى، وواسعة الانتشار بين فئات الشعب، وتنبع من تجربة حياتية فلسطينية جمعية وليس فردية، وهكذا فرزت الأقوال والحكم والآيات القرآنية والأحاديث النبوية سواء الإسلامية أو المسيحية، عن الأمثال الشعبية، بمعنى أنني استبعدت أكثر من النصف.
مسألة أخرى استعنت بها في عملية الفرز، فالمعلوم أن هناك تشابها كثيرا في بعض الأمثلة العربية مع الفلسطينية. جميعنا نعلم أن فلسطين قلب الأمة العربية، كما أن مدينة القدس الشريف هي قبلة المسلمين الأولى، ولأن بلادنا متعددة المناخات والديانات فقد كان يلجأ إليها الكثير من العرب والمسلمين سواء كانوا حجاجا أو عمالا أو باحثين عن الراحة والاستجمام، ولأن كثيرا منهم استقروا في البلاد وتزاوجوا مع سكانها الأصليين ابتداء من الحملات الصليبية، فقد تداخلت الأمثال، فلذلك حاولت واعتمادا على قراءاتي في فرز المثل الشعبي الفلسطيني الناتج عن تجربة فلسطينية جمعية من خلال صراعه من أجل البقاء والحرية والاستقلال.
ولأن مسألة الحرية والخلاص نسبية لذلك لم يقتصر جمعي للأمثال الايجابية فقط بل جمعت الأمثال السلبية أيضا، لأن التراث الشعبي لا يشترط به أن يكون نظرية تربوية بقدر ما هو انعكاس لواقع موجود، ونظرة المجموع لهذا الواقع نسبية أيضا، فهي إما أن تحاول تغييره للأفضل، أو تبقيه على ما هو عليه، أو هي حيادية تؤثر السلامة الشخصية، وتعبر عن المزاج الخاص للناس في فترات متلاحقة، فما يلزمنا هذه الأيام نستعمله وما نراه لا يناسبنا نتركه للأجيال القادمة قد تستفيد منه في حياتها.
خلال جمعي للأمثال، أحببت أن اجمعها من مصدرها القريب، وهم كبار السن حتى أضمن استمرارية تناقل المثل، ولذلك عزمت على التنقل بين ربوع الوطن والالتقاء مع مصادري المباشرين، وقد استغرقت هذه العملية، الجمع والفرز، مدة تقارب ثلاث سنوات.
وبعد
أعتقد أن هذا الكتاب استوفى معظم الأمثال الشعبية الفلسطينية الناجمة عن التجربة الجمعية الحياتية، وليس كلها فالمجتمع مليء بالأمثال الشعبية التي تحتاج إلى باحثين آخرين يكملون المسيرة، كما كنت آمل بمشروعي الثاني الاستزادة في البحث وجمع قصة كل مثل.
مؤخرا أصدر الدكتور الأديب محمد بكر البوجي في غزة كتابا حول التراث أسماه (التراث الشعبي الفلسطيني والمواجهة) وفيه يقول: ( إن سرقة التراث الفلسطيني ليس جديدا على بني إسرائيل، بل لقد سرقوا وحدة الوزن الفلسطينية القديمة – الشقلة – قبل ثلاثة آلاف سنة، وأطلقوا عليها اسم العملة لديهم – الشيقل – سنة 1980م.)
كما يقول: ( كذلك سرقوا شكل الدرع الذي كان يحمله القائد الفلسطيني القديم – جالوت – وهو على شكل سداسي، ونسبوه إلى الملك – داوود – .)
وإزاء هذا الوضع أوصي بضرورة إقامة مؤسسة مختصة بالموروث الشعبي الفلسطيني لحفظه من الضياع أو السرقة.
أتمنى أن أكون قد أنجزت شيئا للأجيال القادمة لتعرف مدى أهمية التراث الشعبي لما يحتويه من تجارب تفيدنا في حياتنا الراهنة، ويمدنا بذخيرة حيّة في مواجهة تعقيدات الحياة بالكلمة المفعمة بالتجربة والحكمة.