أنت هنا

قراءة كتاب آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عاما

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عاما

آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عاما

آل عصفور هم من بني عامر أصحاب بادية البحرين - كما أطلق عليهم بعض المؤرخين - وقد كانوا من أشد أنصار القرامطة، بل إحدى الركائز الأساسية في جيشهم الجرار، لذلك كانت لهم حروب دامية مع العيونيين في بداية حكمهم لأسباب سياسية واقتصادية، إلا أنهم -فيما بعد- تصاهروا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
أما الحقيل، فيبدو أيضاً أنه تبع الجاسر رغم عدم إشارته إليه، إلا أننا لا ندري كيف جعل عبدالقيس وائليين!؟ كما لا ندري كيف جعل بني خالد مضريين في جميع الأحوال، رغم أنه نسبهم في أحد الحالات إلى عبدالقيس الربيعية!؟
 
والحقيقة نرى أن الجاسر -رحمه الله- استشكل في عبارة عامر ربيعة، التي تكررت في ديوان ابن المقرب مع وجود مقولة للحمداني أوردها القلقشندي عند ذكره لآل عامر في البحرين، فقال: والذي ذكره الحمداني: إنهم غير عامر المنتفق وغير عامر بن صعصعة· وعدد بطونهم فقال ومنهم بنو عقيل والقديمات والنعائم وقنات وقيس وفضيل وحرثان وبنو مطرق········· وأن آل عامر هؤلاء وفدوا على السلطان بالديار المصرية في دولة الظاهر بيبرس·····إلخ(41)، ونرى أن ما تم فهمه من قِـبل الجاسر، هو أنه مع وجود عامر ربيعة وأنهم ليسوا من المنتفق أو عامر بن صعصعة، فلا بد أنهم من قبيلة أخرى، وبالتالي فلا بد أنهم من بني عامر من عبدالقيس الربيعية؛ لأنهم أصحاب الكثرة والنفوذ في هذه الديار، وهذا واضح في قول الجاسر السابق: وقد ذكر ابن فضل الله -فيما نقل عن الحمداني- أن بني عامر سكان البحرين ليسوا من عامر قيس عيلان، وتكرر ذكرهم في شرح ديوان ابن المقرب باسم (عامر ربيعة)، فهم على هذا من عامر عبدالقيس وهذه النقطة نفسها أشار إليها أيضاً في معجمه الجغرافي للمنطقة(42)·
 
ونلاحظ أن هذه المقولة للحمداني مبهمة، حيث نفى انتسابهم لهذا وذاك دون أن يوضح لنا من أي عامر هم؟ كما نلاحظ أن في هذه المقولة شيئاً من التخبط، حيث أن عامر المنتفق هم أصلاً من عامر بن صعصعة كما هو معروف، بل وكما نُـقل عن الحمداني نفسه· ولا بأس هنا أن نفصّل قليلاً في هذه النقطة، حيث أنني أعرض على القارئ الكريم في هذا البحث رأيين حول هذه العبارة للحمداني:
 
الرأي الأول: هو أن يكون الحمداني مخطئاً ومتوهماً في هذه المسألة بالذات، وهذا ما ارتآه القلقشندي بنفسه، وهو الذي نقل لنا هذه المقولة للحمداني· فعندما ذكر القول السابق لابن سعيد عن آل عصفور، قال بعده حرفياً: ولا عبرة بقول الحمداني إنهم غير عامر ابن صعصعة، وعامر المنتفق، بل هم من عامر بن صعصعة(43)، وأيضاً في موقع آخر قال: على أن الحمداني قد وهِم فقال: وهُم غير عامر المنتفــق، وعــامر بن صعصعة، وتبعه على ذلك في مسالك الأبصار(44)· إذن القلقشندي بنفسه، وفي كتابين مختلفين، لم يأخذ بقول الحمداني، واعتبره واهماً في هذه المسألة، وذكر أن مسالك الأبصار تبعه على ذلك، ويقصد ابن فضل الله العمري، وهنا نقول بأنه إن كان الحمداني يعني فعلاً ما فهمه القلقشندي والجاسر، فهو بالفعل واهم بسبب ماذكرناه سابقاً عن نسب آل عصفور، ولسبب آخر بسيط يكمن في نص ابن سعيد السابق، حيث يتضح لنا أن ابن سعيد لقي قوماً من أهل البحرين في المدينة المنورة، وتحدث معهم وأخذ أخبارهم· ومع أن الحمداني كان يشغل منصب المهمندار، الذي يشرف على ضيافة وفود القبائل في الدولة المملوكية، والذي أفادنا بمعلومات قيمة عن بعض القبائل آنذاك، إلا أنه وفي هذه المسألة يُـرجَّـح قول ابن سعيد على قوله(45)، بل إن القلقشندي تعدى مسألة الترجيح إلى الجزم، وهذا واضح في قوله بل هم من عامر بن صعصعة فقد يكون اعتمد على مصدر إضافي توفر لديه في ذلك العصر الذي سبقنا بمئات السنين·
 
الرأي الثاني:(46) هو أنّ الحمداني لم يرد ما فهمه القلقشندي من كلامه هذا، من أنه ينفي نسبهم لعامر بن صعصعة، وإنما الذي أراده الحمداني أنهم ليسو بني عامر بن صعصعة، القبيلة المعروفة نفسها مباشرةً، على اعتبار أنّ هناك من يُنسب إليها مباشرة في عصره، بل أراد أن يوضّح أنّ عامر البحرين هي قبيلة من عامر بن صعصعة، وأنهم يُقال لهم بنو عامر أيضاً على اسم القبيلة الأمّ، وبالتالي فإنّ المنسوب إليهم يُقال له عامري أيضاً، ولكن ليس نسبةً إلى عامر بن صعصعة، وإنما نسبة لهذه القبيلة منها وهي عامر بن عوف العُقيلية· ولأنّ من أشهر قبائل عامر بن صعصعة ممن اسمها عامر أيضاً هم عامر المنتفق، ولأنّ الحمداني خشي أن يذهب ظنّ القارئ، الذي يقرأ كلامه هذا، إلى أنهم هم المرادين بعامر الذين ذكرهم، فقد بادر إلى نفي ذلك بقوله إنهم غير عامر المنتفق أيضاً؛ لأنه لا يمكن اتهام عالم كبير بالنسب مثل الحمداني بأنه يجهل أنّ عامر المنتفق هم من عامر بن صعصعة، وهو هو تضلعاً وعلماً بقبائل العرب حتى صار عمدةً في أنسابها·
 
وأخيراً نقول عن هذه النظرية التي اتبعها الأستاذ الجاسر، والمعتمدة على عبارة عامر ربيعة، إن ما جاء في شرح ديوان ابن المقرب، يثبت عدم صحتها لأن هناك نصاً صريحاً عن عامر ربيعة جاء تعليقاً على بيت الشعر القائل:
 
فاستنجدت عامراً من بأسها فأتت
 
مغدة لا ترى في سيرها يتما
 
فقال الشارح: وعامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وهذا النص، بالإضافة لحديث الشارح عن قتل عامر ربيعة وبوارهم في أوائل عهد الدولة العيونية، جعل محققي الديوان يستنتجون بأن عامر ربيعة، المذكورين عدة مرات بهذا الاسم الثـنائي، إنما هو لتمييزهم عن عامر عقيل، وهو ما نص عليه المحققون وأوضحوه في المشجرات المرفقة بالديوان(47)· وهذا كله يزيل الغموض حول تكرار كلمة عامر ربيعة، وفي الوقت نفسه لا يخرجنا عن الإطار الذي نتحدث بداخله، فعامر ربيعة أو عامر عقيل، المذكورة أحداثهما في إقليم البحرين، كلاهما من عامر بن صعصعة·
 
وقبل إنهاء حديثنا ونقاشنا للأقوال المخالفة لنسبة آل عصفور لبني عامر بن صعصعة فلا بد لنا من التطرق لكتابات الأخ الأستاذ سعود الخالدي، فهو في عدة مقالات له عن قبيلة بني خالد، كان يسهب في تأكيد انتسابها للصحابي خالد ابن الوليد المخزومي القرشي· وقد كان يربط على الدوام بين آل عصفور وبني خالد، وكان ينقل العديد من النصوص التي ذكرت آل عصفور كالتي ذكرناها سابقاً، خاصة ما ورد عن حكمهم للبحرين، وعن انتسابهم لجدهم عميرة وارتباطهم بعماير بني خالد····إلخ(48)· وعن هذا نكرر أننا لسنا هنا بصدد مناقشة نسب قبيلة بني خالد بل قد يكون فعلاً لبعض أو أحد فروعها كالعماير نسب يجمعهم مع آل عصفور، كما يقول الأستاذ سعود أو كما مر علينا في قول ابن لعبون، أو كما رأى ذلك أيضاً محققوا ديوان ابن المقرب(49)· إذن نحن لا ننكر وجود علاقة قد تكون بين بعض فروع بني خالد وبين آل عصفور بل قد نميل لهذا القول، إلا أننا، وبعد كل ما ذكرناه وأثبتناه سابقاً، لم نعد نرى أي مجال للتشكيك في نسبة آل عصفور إلى عامر بن صعصعة·

الصفحات