آل عصفور هم من بني عامر أصحاب بادية البحرين - كما أطلق عليهم بعض المؤرخين - وقد كانوا من أشد أنصار القرامطة، بل إحدى الركائز الأساسية في جيشهم الجرار، لذلك كانت لهم حروب دامية مع العيونيين في بداية حكمهم لأسباب سياسية واقتصادية، إلا أنهم -فيما بعد- تصاهروا
أنت هنا
قراءة كتاب آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عاما
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
آل عصفور أسرة حكمت الخليج مئة وخمسين عاما
الصفحة رقم: 9
آل عصفور في العصر الحالي
إن عدم التدوين لفترة طويلة في الجزيرة العربية لعب دوراً رئيسياً في فقدان الأنساب بها وتشتتها، بل أدى في الحقيقة لفقد التاريخ بحد ذاته في أغلب مناطقها وليس فقط الأنساب التي هي جزء من هذا التاريخ· ويلاحظ الباحث مدى التداخل وعدم الدقة في أنساب الكثير من قبائل الجزيرة العربية، لدرجة عدم إمكانية الجزم بنسب بعض القبائل إن كانت قحطانية أم عدنانية، وكذلك العديد من فروع هذه القبائل، وذلك بسبب التداخل بالتحالف أو التصاهر أو تشابه الأسماء وغير ذلك من هذه الأمور التي حصلت دون أي تدوين أو حفظ· هذه الحال بالنسبة لقبائل البادية أو الحديثة العهد بالحضارة، فكيف يكون الحال في الحواضر؟ إن طبيعة التحضر هو الانتماء للأرض بعكس البداوة التي يكون بها الانتماء للقبيلة· وأهالي الحواضر الشرقية للجزيرة العربية، وبسبب قرب بيئتهم من البيئة البدوية، فما زال الكثير منهم يعرفون أنسابهم، وذلك بشكل استئناسي بعيد عن التعصب القبلي الموجود في البيئة البدوية، إلا أن عدم الاحتفاظ بالأنساب هي السمة الغالبة عليهم، رغم وجود الطبقية النسَـبية والعرقية على مستوى الحمائل والعوائل، والتي استمرت لوقت قريب جداً، بل وما زالت بعض العوائل ملتزمة بهذه الطبقية التي تبرز عادةً عند التصاهر·
إذن عدم التدوين -أو فقدانه- برأينا وبرأي الكثير من الباحثين، كان هو السبب الرئيسي في فقدان تاريخ الجزيرة العربية، بما في ذلك تفاصيل الأنساب· لذلك نلاحظ من بحوثنا الميدانية أن الأسر العلمية في المنطقة هي من أكثر الأسر معرفة بأنسابها، بسبب رجالها الذين تعلموا وبرزوا في الماضي، وذلك إما عن طريق الترجمة لهؤلاء الرجال أو عن طريق بعض كتاباتهم الشخصية، كالوصية أو عقود البيع والشراء أو التدوين المباشر عن الأسرة، هذا بالإضافة للأسر التي كانت لها زعامة سياسية أو اقتصادية في الماضي· ونرى أن جميع هذه العناصر اجتمعت مثلاً في عائلة آل عصفور أهل الدراز، والشاخورة بمملكة البحرين، لذلك كانت هي الأكثر بروزاً في الخليج من ناحية انحدارها من أسرة آل عصفور أصحاب الإمارة، ربما لإقامة تلك الأسرة الحاكمة وتركزها في أوال بعد انهيار حكمها·
وقبل الدخول في التفاصيل، تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الأسماء التي أوردها القلقشندي عن العمري لأمراء آل عصفور، والذين كانوا من ضمن تصنيفات المراسلات الرسمية للسلطنة المملوكية آنذاك(50)· وهناك اختلاف حصل في تحديد أصحاب هذه الأسماء، وذلك بين الحميدان الذي جعل اسم مانع لشخصين هما مانع بن عصفور ومانع بن راشد(51) -أي أخ عصفور- وبين محققي ديوان ابن المقرب، الذين جعلوا مانع رجلاً واحداً هو مانع بن عصفور وأن كل الأسماء التي وردت كأبناء لمانع إنما هم أحفاد عصفور(52)، ولعل الحميدان فعل ذلك لاستبعاده أن يكون صاحب أحد الأسماء، وهو كلبي بن ماجد بن بدران بن مانع، هو حفيداً لعصفور في الوقت نفسه الذي يكون فيه من ضمن أمراء آل عصفور مع آخريْـن هما حسين ومحمد أبناء مانع بن عصفور، نظراً لأنهما يصبحان بذلك أعمام والده أي في مقام جده· وحقيقةً نرى أن كلا الاحتمالين وارد، خاصة وأن محمد وحسين هما في مرتبة الأمراء، وهي أعلى من المرتبة السامية التي بها كلبي -حسب التصنيف الذي ذكره العمري- كما لا يمكن البناء على فرق كبير في السن بين كلبي وبين أكبر أحفاد عصفور، خاصة في ذلك الزمن· وما يساعدنا في هذه المسألة هو أن كلبي هذا كان قد ذكره ابن حجر العسقلاني فقال: كلبي بن ماجد العامري العقيلي من أمراء البحرين، ذكره الشهاب ابن فضل الله، وقال كان شيخ وقار وإجلال، وكان يفد على السلطان ويأتي بالخيل العربية في سرعة السير، وكان السلطان يكرم وفادته فيرجع مسرورا· قال وأنشدني لنفسه سنة 2 3 7 من قصيدة، ثم ذكر له بيتين من الشعر(53)، ومن هذا النص نعلم أن كلبي كان حياً عام 2 3 7 هـ، ومقارنة بكلام ابن سعيد الذي يقول أن حكم البحرين كان لعصفور وبنيه عام 0 5 6 هـ، فبهذا من المنطقي أن يكون عصفور هو الجد الثالث له· لذلك فإذا رجحنا قول محققي الديوان في هذه المسألة، ثم اعتبرنا أن إمارة آل عصفور منحصرة في نسل عصفور فقط، وذلك من ولده الوحيد مانع -الوحيد الذي ذكرته المصادر المتوفرة- وهو ما يدعمه نص الحمداني الذي يذكر فيه أن الإمرة فيهم في أولاد مانع· وإذا اعتمدنا المشجر الوارد في الديوان، فيكون بذلك لعصفور سبعة أحفاد وهم: حسين ومحمد وبدران وحسن وراشد ومعمر وزيد، ويكون لبدران بن مانع ولدان، هما مانع وماجد الذي ولده كلبي· كما يمكننا نحن أن نضيف عليهم استقاءً من نص العمري نفسه، فيكون لحسن بن مانع ولدٌ اسمه عظيم، كما أنه ذكر اسم مانع بن علي، وهذا أيضاً قد يكون حفيداً لأحد أبناء عصفور المذكورين· مع الإشارة لعبارة عصفور وبنوه التي أوردها ابن سعيد، وبنوه هنا قد لا تعني بالضرورة أن لعصفور أبناء غير مانع، لأن الحمداني ذكر بأن الإمرة في أولاد مانع، أي أن المقصود هنا كما يبدو هم ولده وأحفاده·