رواية "بعيدا عن البشر" للكاتب باسكال ديسان؛ الصادرة عام 2007، والتي ترجمها إلى العربية الكاتب والمترجم الأردني وليد السويركي؛ نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب بعيدا عن البشر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
بعيدا عن البشر
الصفحة رقم: 1
(1)
جاك لافلور
لم يكن لجاك لافلور(1) من اسمه نصيب، فهو لم يكن يحب الأزهار كثيرًا، وعلى وجه الدقة لم يكن يكترث لها، مع أنها كانت تمثلّ في تلك الظروف مؤشرًا جيدًا على صحته الذهنية المتردّية·كان جاك يتأمل أشجار العليق· لقد حان الوقت لكي يفعل شيئًا، لكي يستخدم يديه ويشغل نفسه بأيّ شيء· ألقى نظرة صوب النوافذ، فبدا له أن ستارة قد تحركت· مجرد وهم·
عاد جاك بانتباهه إلى الدرابزين الذي غدا شبكة معقدة يصعب اختراقها بفعل أشجار العليق· لم يعد بوسع المرء عبور الحديقة دون أن يؤذي ساقيه بسبب الأشواك الكبيرة· ذات مساء، وفيما كان جاك يجلس في التراس سمع صوتًا· فكر بادىء الأمر أنها قطة، ولكن بعد لحظات، فر قنفذ مسرعًا· كان مكتنزًا وجريئًا· كان قد هطل مطر كثير عند العصر فقرر جاك أن يطلق على الحيوان اسم إعصار· بماذا يفكر إعصار؟ ألم تكن أشجار العليق ملاذا مثاليًا له؟ كان إعصار قد اجتاز التراس متعرّجًا دون أن يراه ليختفي في حديقة أخرى·
ولكن هل بمقدورنا أن نؤكد أن حديقة جين هي حقًا حديقة؟ ينطق جاك باسم جين كما يذكر المرء منارة تشير إلى أراض معادية· جين، أحد أسباب مصيبته· جين، كانت ملاذًا فصارت عذابًا· أيّ فكرة غريبة كانت قد خطرت لها! فقبل سنوات قررت أن تستصلح الحديقة مجددًا، كانت ما تزال تحتفظ بقوة عزيمتها· قامت بحراثة الأرض وتعشيبها· كانت تريد أرضية نجيل جميلة، ثم عريشًا حيث تنمو أشجار العليق التي كانت تحب ثمارها· وتفضل مذاقها على مذاق الفراولة· كانت قد أقامت الدعامات لأشجار التوت حسب الأصول ولكن بعد ذلك···
بتعاقب الفصول ونتيجة تعرّضها للشمس لفترات طويلة من النهار، تكاثرت الأغصان المزروعة بفعل عمليات ترقيد طبيعية امتدت أشواكها في كل اتجاه لتغدو آخر الأمر آجامًا لا يمكن اختراقها، ولتغزو أرض الحديقة كلّها· وعندما بلغت السياج الذي يحدّها صارت أكثر كثافة، متجهة صوب السماء، مستديرة، وأكثر تشابكًا من ذي قبل· منذ وقت بعيد لم تعد العريشة مرئيّة· كان يمكن أن نلمح أساسها فقط وفي فصل الشتاء·