"اكتشاف زقورة"؛ في هذا العمل للروائي العراقي فاتح عبد السلام، يتعشق السردي بالشعري، ويرتقي النص عبر فيض الشحنة المخضّبة بصوت تاريخ العراق القديم.من بقايا الحروب يأتي بطل الرواية ليبدأ حياته من حيث انتهى جسداً متفسّخاً على سرير في غرفة منسيّة، عبر رحلة مضنية
أنت هنا
قراءة كتاب اكتشاف زقورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
ترجَّل من ذيل جواده· وحفنَ براحتيه تراباً ونظر حواليه ، كانت أوكـار الآلهة تتثاءب دخاناً أصفر ، ومغارات المعابد تحبس شموس الكهنة في شقوقها··
خلعَ قدميه وقال : هذه هي الخطوة التي أوصلتني اليك· فردَّ بصولجانه : هي خطوتك الأخيرة· إقتطعَ صبّارة التذمر من جوفــه وأنبتَ مكانها ريحانـة الحكمة قائلاً : رأسي لا تقطعه السيوف ، أُدعُ السيّـاف ، وسوف ترى بنفسك ، فلمّا مرق السيف من يد شديدة مطواعـة الى الرقبـة· حزّ الصوت عنق عــمود من سبعة أعمدة تربض عليها قبـة ، على ظاهرهـا أسـدان في جـذع عاصفة ، وفي باطنها نافورة يصعد ماؤها ولاينزل· إضطربت موجةُ المكان· فأتبع السيّاف غضبهُ قبضتَهُ فإذا بعمود آخر يكتم صوتاً قتيلاً فتنطفيء عين من عيون شلاّل الرخام الصاعد· فيأمر سنحاريب سياّفه أنْ يغمد سيفه في زريبة أنعام القصر· قائلاً : أوَكان رأسك بأركان عرشي ؟·
فأجابه : لا والله· ماكان لمهاجر مثلي أن ينزع منك فص خاتم· ولكن الرؤيا أوصلتـني إلى زقوّرتك ليس بيني وبينك سوى مسافة من الروح لا من الخطوات، فإذا أردت إزهاق روحي أخرجني من الخطوة التي رمت بي على أعتـاب قربك·
فصرخ : مَنْ قاتِلُكَ إذن ؟
دارَ الرجــل على دودة القز في نفسه وقال : هل ترى فيَّ عدواً ؟
قال سنحاريب : أجل·· من حقي أن أرى في الجميع أعدائي··
قال الرجل : ما عداوتي ! فأنا طيف إنسان مهزوم··
قال : خطوتك الأخيرة·
قال الرجل : هي خطوة لك، إصنع منها إسطرلاباً للبصر تدرك فيه أصوات المجاهيل·
فماعت شمعةٌ تحت لهيب أسنانه قائلاً : إحفروا تحت قدميه بئراً·
فخرجت شجرة دردارية سكريّة ، ما لبث أنْ استحالت إلى عنق زرافة من زُمرد يجمع بين الزرقة والسواد·
فأخـــبره الرجل أنَّ هذا هـو طلسمهُ الهابـط من المشتري تخـاصم مع المريخ وعطـارد·· سدَّ عليه الطريق ما بين الزهرة والقمر فتضبب إظهارُ طالعه·