أنت هنا

قراءة كتاب بهجة الاكتشاف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بهجة الاكتشاف

بهجة الاكتشاف

كتاب "بهجة الإكتشاف...

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
ودفعت بالثلث هذا إلى النشر، كما هو، وخرج الكتاب أنيقاً جميلاً بصفحاته وأعيد طبعه اكثر من مرة وحضر قباني إلى الولايات المتحدة لقراءة شعرية حضرها المئات وقام أثناءها بالتوقيع على كتابه المترجم وكان رحمه الله قد خط قصائد هذا الكتاب بيده الطيبة خصيصاً لهذه الطبعة ثنائية اللغة· وعرفت بعدها أن نزار قباني كان يرفض طوال حياته أن يمنح إذناً لأي مترجم آخر يرغب في ترجمة شعره إلى الإنكليزية، وأدركت حينئذ أن الرجل، رحمه الله، كان قد أكرمني حقيقة إذ كنت آنذاك الشخص الوحيد من خوّله نزار ترجمة شعره إلى الإنكليزية· أما بعض القصائد المترجمة في مختارات شعرية فكانت تصدر دون إذن منه، وكان يعتبرها كلها فاشلة، لكنه سمح للدكتورة سلمى الجيوسي من قبل بترجمة بعض قصائده وليس كتاباً كاملاً، إلا أنها استطاعت بعد صدور كتابي أن تحصل على موافقة منه لترجمة كتاب آخر له، وأصدرته·
 
وكذا الأمر، فإن عبد الوهاب البياتي، الذي راد حركة الشعر العربي الحديث منذ عام 1948 جنباً إلى جنب مع بدر شاكر السياب ونازك الملائكة لم يكن له كتاب شعري واحد مترجم إلى الإنكليزية حتى عام 1990، إلى أن قمت بترجمة كتاب ضخم اخترت قصائده من ثمانية دواوين له، وخرج الكتاب بحلة ممتازة وقوبل بحفاوة رائعة في الوسط الأمريكي· والبياتي - رحمه الله - كان بسيطاً وعفوياً ولم يعتمد على فرد أو مجموعة لمراجعة الترجمة لكنه اعتمد على ما يعرفه من الإنكليزية وعلى القاموس ليتأكد من بعض الكلمات وأرسل لي قائمة بمفردات يقترح عليّ بتغييرها لكنه كان يصر على أن يخرج الكتاب دون أن يحمل الصفحات الإنكليزية مقابل العربية كما كان مقرراً من قبل دار النشر بل أراد أن يكون النصف الأول من الكتاب بالإنكليزية وأن تكون النصوص العربية في النصف الأخير منه· وهذا اقتراح لم توافق عليه دار النشر· ولكنه كان متعاوناً حقاً، وكانت كل مراسلاته بالبريد السريع، وكان يشرح لي الصور الشعرية الصعبة التي أستفسر عنها، بإسهاب ووضوح كبيرين وكان رحمه الله يهاتفني من وقت لآخر· كان البياتي أكرم منْ تعاملت معهم من الأدباء العرب من حيث تقديم كتبه هدايا للناس·
 
أما أجمل الأدباء العرب ممن تعاملوا معي في شؤون الترجمة فكان الروائي حنا مينه، وقد ترجمت له رواية (الشمس في يوم غائم) وقال لي منذ البداية :
 
يا أخي لا ترسل لي شيئاً ولا أرسل لك شيئاً ، فأنا بالكاد أعرف العربية، وأنت أستاذ جامعي، فهل تريدني أن أصحح لك إنكليزيتك؟ أرسل لي نسخة من الرواية بعد نشرها في الإنكليزية وهذا يكفيني وأكون ممتناً لك وهكذا كان وبالمثل كان الشاعر قاسم حداد· كانت ثقة قاسم حداد بقدرتي على الترجمة لا حدود لها، إذ كان يعتبر أن ترجمتي لشعره هي نهائية وغير قابلة للطعن فيها· وأن ما أترجمه له كان يطبع مباشرة دون حتى مراجعة من أحد· وبالمثل كان حيدر حيدر رائعاً· أما الروائي عبد الرحمن منيف فكان غاية في الروعة وكان قد قدم لي موافقته الطيبة سلفاً مترفعاً عن التدخل في أمور الترجمة ومشاكلها وأمورها المعقدة· وأشعر بالأسف العميق كوني لم أكمل ترجمة العمل الأدبي الذي وعدت بإنجازه لانشغالي بكثير من الأعمال المتراكمة والمشتتة ولم تترك لي حتى الآن من الوقت لأفي بالعهد· لقد كانت هذه النخبة من الأدباء الذين تعاملت معهم على مستوى عظيم من الرفعة والسمو والكبرياء والجمال·

الصفحات