كتاب "بهجة الإكتشاف...
أنت هنا
قراءة كتاب بهجة الاكتشاف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
ثم جاء البياتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاحتفال بصدور كتابه المترجم بعنوان (حب وموت ونفي) في احتفال رائع في جامعة جورج تاون وكنت أستاذاً فيها آنذاك قبل أن أنتقل الى جامعة ييل· ووقع البيّاتي في تلك الأمسية على مئات النسخ من الكتاب الذي لاقى تغطية مدهشة من وسائل الإعلام الأمريكي، ويلاحظ القارئ من خلال الرسائل المتبادلة معه مدى حرصه واهتمامه الهائل بصدور الطبعة الإنكليزية لكتابه إذ كان يدرك أنها ستكون المرجع لترجمات أخرى تتبعها بلغات أجنبية أخرى· وهذا ما حدث فعلاً·
ثم حضر هاني الراهب إلى جامعة جورج تاون عام 1992 ليحاضر عن الرواية العربية· ولم يكن لهاني الراهب أية ترجمات بالإنكليزية، وهو مؤلف رواية (الوباء) التي تعد من أعظم روايات العالم في القرن العشرين، إنها حقاً ملحمة روائية تضاهي في روعتها وعمقها وأبعادها أعظم ما قدمه لنا الأدب العالمي· لم يصدر للراهب عمل كامل مترجماً إلى الإنكليزية باستثناء بعض فصول من رواية (الوباء) كنت ترجمتها ونشرتها في مجلات باللغة الإنكليزية· لكن الراهب لم يعش ليرى (الوباء) منشورة بكاملها في كتاب ولا أنا أكملت ترجمتها· ولم يلق هذا الإنسان الطيب وتعيس الحظ فرصاً طيبة كتلك التي أتيحت لغيره من الأدباء من ذوي الحظوظ في الدنيا· لقد عاش حياة بائسة، يلهث وراء لقمة العيش، ولم يحي الحياة التي يستحقها، بل كانت حياته رواية مأساوية فإن موته ودفنه كانا أشد مأساوية· حتى جنازته وظروف دفنه تبعث على البكاء· عاش هاني الراهب تعيساً ومات تعيساً دون أن يقول وداعاً لأحد بعد أن رمقنا بنظرة ساخرة وغير آسف على فراقنا·
كان الراهب أكاديمياً ويعرف عن دراية تامة مشاق الترجمة وصعوبة نشر الأدب العربي في الغرب، وكان الوحيد من بين كل الأدباء الذين ترجمت لهم بعض أعمالهم، يقدر كل التقدير مهام المترجم والمسؤوليات الملقاة على كاهله وقسوة هذا العمل وكان الوحيد من بين كل من ترجمت لهم من عرض علي بعض المال لمساعدتي على القيام بالترجمة، وليخفف عني عبء مصاريف الطباعة والنسخ والتنقيح، لكني رفضت أن آخذ منه شيئاً· كما كان الوحيد من بينهم القادر على إسعاف المترجم في ترجمة عبارة صعبة أو معقدة أو في استبدال كلمة بأخرى أو جملة بجملة، فقد كان الراهب دكتوراً في الأدب الإنكليزي قبل كل شيء·
ويبقى السؤال : لماذا بقيت بعض أعمال مبدعين كبار كنزار والبياتي والراهب مهملة، ولم تترجم إلى الانكليزية إلا مؤخراً·