أنت هنا

قراءة كتاب السلطة والحرية الفكرية والمجتمع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السلطة والحرية الفكرية والمجتمع

السلطة والحرية الفكرية والمجتمع

يضم هذا الكتاب عدداً من المقالات التي تعالج مواضيع في شتى المجالات معالجة وصفية وتحليلية ونقية وتفكيكية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
الفكر النقدي وأسباب إعاقته في الوطن العربي
 
لكل مجتمع بشري مفكروه في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والخلقية· ويمكن أن ينقل هذا الفكر كتابة أو شفويا· فكر هؤلاء المفكرين مستمد من مجموعة العوامل التاريخية والثقافية والقيمية ومن مفاهيمهم ورؤاهم في تلك المجالات المختلفة·
 
وللمفكر الناقد صفاته، ومن صفاته الرئيسية دينامية النقد الفكري، أي أن النقد عملية فكرية متواصلة· ويمكن تشجيع الفكر النقدي بطرق منها تشجيع الإبداع الفكري العلمي والأدبي والانطلاق الفكري والحرية الفكرية والتخلص من الخوف من الإعراب عن الفكرة والعاطفة·
 
ويخضع الفكر النقدي لمختلف أشكال القيود· وما هو خمير حافز للإبداع في مكان قد لا يكون كذلك في مكان آخر· وثمة أسباب تاريخية واجتماعية ونفسية لعدم أعمال الفكر النقدي أو للاهتمام الأقل بهذا الفكر· وأحد هذه الأسباب هو أن ذلك الفكر يتطلب بذل جهد عقلي أكبر لفهمه وهذا المتطلب يسهم في جعل الناس أقل حماسا لأعمال الفكر النقدي وللقيام بقراءته·
 
وتنتشر وسائط الاتصال المسموعة والمرئية في شتى بقاع العالم· توجد الملايين من أجهزة الراديو والتلفزيون والكمبيوتر في المنازل والمقاهي في المدن والقرى في الوطن العربي· ويمكن لهذه الأجهزة أن تؤدي دورا في نقل وإشاعة الفكر النقدي· وعلى الرغم من أن هذه الوسائط تؤدي فعلا دورا معينا في ذلك النقل والإشاعة فإن ثمة عوامل تقيد تقييدا شديدا أداء تلك الوسائط لذلك الدور· ومن هذه العوامل أن القائمين على إدارة البرامج الإذاعية والتلفزيونية لا يولون الأهمية الكافية للبرامج العلمية والفكرية النقدية· وقد يعزى عدم إيلاء هذا الاهتمام إلى التوجيه الحكومي أو عدم تقدير مديري البرامج لأهمية مناقشة قضايا الفكر النقدي أو عجزهم عن الخوض في هذه القضايا أو استجابة لتصورهم لرغبة الجمهور أو لمزيج من هذه العوامل·
 
ومن طبيعة المناخ السياسي السائد في أية بقعة من بقاع المعمورة، وعلى وجه الخصوص في البلدان غير الديمقراطية في العالم الثالث، أنه ليس مواتيا لبلوغ الإبداع الأدبي والفني والفكري· ومرد عدم المواتاة هذا هو أن اعتبارات السياسة - التي هي علم أو فن تحقيق التأثير لتحقيق غرض معين - لا تراعي متطلبات تحقيق الإبداع· من المعروف أن تحقيق التأثير ينطوي على التقييد الفكري والعاطفي، بينما يتطلب الإبداع الانطلاق الفكري والعاطفي، ويتطلب الإبداع الفكر النقدي الذي، في العادة، تثني عنه الاعتبارات السياسية· النظم السياسية غير الديمقراطية لا تحتمل ممارسة حرية التعبير عن الرأي الذي لا يتفق مع مصالح تلك النظم في مواصلة تولي السلطة السياسية الرسمية· ولا تتردد هذه النظم في لجم لسان المفكر الحر الناقد وفي تحطيم قلمه وفي سجنه وحتى الفتك فيه· وبسبب هذه المشكلة لا ينقل الفكر ناهيكم عن الفكر النقدي الذي قد يجول في خواطر الناس إلى الساحة العامة إذا كان ذلك الفكر معارضاً أو غير مؤيد لسياسة السلطة الحكومية، وينكمش الميل لدى المفكر الناقد إلى الإبداع الفكري، أو قد يرى هذا المفكر، اتقاءً لغائلة السلطة المتربعة على سدة الحكم، تقييد انطلاقه الفكري النقدي أو قد يرى أن ينتقي، في تناوله الفكري النقدي، بعض المواضيع التي لا يرى هو أن من المحتمل أن تناوله هذا من شأنه أن يوجد صراعاً بينه وبين تلك السلطة، أو قد يرى تخفيف حدة لهجة الانتقاد في المواضيع والمواضع التي تجدر ممارسة الفكر النقدي فيها·

الصفحات