يضم هذا الكتاب عدداً من المقالات التي تعالج مواضيع في شتى المجالات معالجة وصفية وتحليلية ونقية وتفكيكية.
أنت هنا
قراءة كتاب السلطة والحرية الفكرية والمجتمع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

السلطة والحرية الفكرية والمجتمع
الصفحة رقم: 9
لزيادة حجم النتاج الفكري تجب إتاحة الانطلاق الفكري
من الملاحظ قلة النتاج الفكري المنشور وتدني نسبة المقبلين على القراءة في الوطن العربي· فبالمقارنة بعدد الكتب الجديدة المنشورة في الدول الغربية تتضح قلة الكتب الجديدة المنشورة في العالم العربي· في الغرب تصدرت المملكة المتحدة الدول الغربية فيما يتعلق بعدد الكتب الجديدة المنشورة· في سنة 1996 قدر عدد هذه الكتب فيها ب 95015· وفي تلك السنة قدر عدد الكتب التي نشرت في إسبانيا ب 44261، والتي نشرت في بلجيكا بما ينيف عن ثلاثة عشر ألفا، بينما قدر عدد الكتب الجديدة المنشورة في الوطن العربي برمته بأنه لم يتجاوز 8171· إن من اللافت للنظر أن يكون عدد الكتب المنشورة في الوطن العربي كله الذي ينيف عدد سكانه عن مئتي مليون أقل بكثير من عدد الكتب المنشورة في بلد صغير من البلدان الأوروبية لا يتجاوز عدد سكانه عشرة ملايين شخص·
وتقوم أسباب هامة وكثيرة لهذه الظاهرة الباعثة على الأسى· وأحد الأسباب هو تفشي الفقر على تفاوت درجاته بين السكان· ليس في الوسع المالي لكثير من الناس ذوي الدخل المحدود شراء الكتاب، خصوصاً إذا كان الثمن غالياً بالمقارنة بدخل الفرد والتزاماته ومسؤولياته المالية· وصاحب المعدة الخاوية التي تجتر نفسها جوعاً يدفعه فقره دفعا إلى التفكير في كيفية تأمين الرزق له ولفلذات كبده الكثيرين في العادة ولزوجته قبل أن ينخرط في القراءة والكتابة ويهتم بنشر ما يكتبه· ونقص التعويض المادي للكاتب عن نتاج فكره وقلمه يسهم في إحباط عزيمته على الكتابة·
والسبب الثاني لهذه الظاهرة هو وجود نسبة عالية من الأميين وفي بعض الأماكن عالية جداً· فالأمية لا تعني عدم معرفة الكتابة فحسب ولكنها تعني أيضاً عدم معرفة القراءة، مما يسهم في تدني نسبة الكاتبين والقارئين، وبالتالي يسهم في قلة نشاط سوق نشر الكتب وتوزيعها واقتنائها· وبالإضافة إلى تفشي الأمية بمعنى عدم معرفة القراءة والكتابة توجد الأمية الوظيفية التي تعني انخفاض مستوى التحصيل الدراسي وبالتالي انخفاض مستوى الأداء لمن يكون قد تخرج من مدرسة ابتدائية وحتى مدرسة ثانوية·
ومما يسهم أيضاً في قلة النتاج الفكري المنشور منافسة ومزاحمة وسيلتي الاتصال المرئية والمسموعة لوسيلة الاتصال المكتوبة على الجمهور· ووسيلتا الاتصال المرئية والمسموعة رائجتان اليوم في الوطن العربي· ومما يشجع الناس على السماع والمشاهدة عدم الحاجة إلى بذل عناء أكبر لدى السماع والمشاهدة، بخلاف القراءة التي لا يجيدها عدد كبير من الناس والتي تتطلب، إن توفرت مهارة القراءة، بذل جهد فكري ونفسي أكبر· ومما يشجع أيضاً الناس على السماع والمشاهدة هو العرض الأقل تعقداً للمواضيع واللغة الميسرة أسلوباً ومفردات أو اللغة العامية التي أحياناً يقرأها القارئ أو يتكلمها المتكلم من محطات التلفزيون والإذاعة· ويفضل كثيرون الاستماع والمشاهدة على القراءة على الرغم من أن البرامج المسموعة والمرئية لا تشتمل أحياناً كثيرة على مضامين وتحليلات قد توجد في المجلة أو الكتاب· فالكتب ترقى أحياناً كثيرة إلى مستوى لغوي أعلى وطرح أكثر تماسكاً للموضوع، مما يتطلب توفر قدر أكبر من الالتزام والتركيز الفكريين لا يتوفر لدى كل شخص·

