لم تكن لدي النية في الاصل لكتابة رواية، تعكس صورة الواقع في بغداد وبعض مدن أو غالبية مدن العراق، قبل العودة إلى يوميات اعتدت كتابتها، لغرض الإفادة من المكتوب فيها كشواهد إثبات تدعم وجهة نظري التي اروم وضعها في كتاب جديد أخذ عنوان (حصاد العاصفة ـ ثقافة التضا
أنت هنا
قراءة كتاب جراح الغابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
ألم يكن الامير الغازي يريده هو ونادى بإسمه هو؟.
لو كان قد أمتلك الشجاعة الكافية، وظهر من مخبئه، وتحداه أو أستعطف ما بقي من صداقة كانت بينهما، لأمكن عتق رقاب الأسرة، والاقتناع بالقصاص منه فقط.(إحتمال وارد في بعض الأحيان).
عدّلَ جلسته التي تغيرت مرارا من شدة التحرك في المكان. تناول منديلا مسح به العرق المتصبب فوق حاجبيه، نظر إلى غيمة في الاعلى رسمت دوائر فوق وجهه الذي تغير لونه إلى الأصفر المزرق. أرتجفت عضلات وجنتيه كأنه يعيش الموقف ذاته من جديد. حاول أن يبقى متماسكا، لكن أحشاءه من الداخل تتقلص بشكل مخيف، جعلته يتلوى مثل أفعى كشفها ضوء الشمس في إنسيابه بين الأشجار. ومع هذا أصر على الاستمرار بالكلام مدفوعا بقوة من داخله لا يستطيع مقاومتها.
قائد المجموعة الواقف منتصبا وسط الصالة، يأمر بغلق القناة الفضائية التي يصدح فيها صوت الأذان، معلنا حلول وقت الأفطار، مستمرا في وضعية إعطاء الأوامر والتوجيهات. صوته الواضح، لم يكن غريبا، وكذلك وقفته التي جاءت بنفس المكان الذي وقف عليه عبد الجليل، قبل عشر سنين، ماسكا قصيدة فخر للمتنبي، ألقى بعض أبياتها على صديقه القريب، متصورا أن آلاف الشابات تستمع إليه بإمعان. إنه فعلا عبد الجليل.
لقد أعاد الصوت القادم من وسط الصالة بعضاً من الوعي الذي شتته صدمة الدخول الى البيت، وحالة الهرب من شباك المخزن. (يا إلهي إن هذا الصوت، طالما سمعه وحاججه وناقشه، إنه صوت عبد الجليل). زميل الطفولة الذي رافق الحقبة الزمنية من المدرسة الابتدائية حتى الثالث المتوسط. نعم إنه هو الذي سكن في أول الشارع، وغادر مع الأسرة إلى مكان مجهول أيام الهجرة إلى سوريا.
إنه الذي كان يصلي مع مجموعة من الزملاء في جامع ملوكي بشارع المضيف القريب، بداية مرحلة المراهقة التي نقلت مجموعتهم الى اجواء التدين. هذا غير معقول!.
لا توجد عداوة تدفعه لارتكاب هذا الاثم، ولا الوالد أحد شاربي الخمور الذي طلب مشاركته ضرب أحدهم في تلك الايام التي تزخر بطاقة التطرف، المهندس المعروف بسمعته الطيبة في المنطقة، أسامة الشيخلي، عندما كان عائدا من النادي ليلا، وهما جالسان معا على الرصيف. كان طلبا مرعبا مازالت تفاصيله مطبوعة في الذاكرة، وما زال توجيه الاتهام بالجبن، إثر رفض المساعدة بالاعتداء مطبوعا أيضا، وكذلك الحجة التي أتخذت في حينه للتبرير (لسنا المعنيين بتطبيق الشريعة الاسلامية).