لم تكن لدي النية في الاصل لكتابة رواية، تعكس صورة الواقع في بغداد وبعض مدن أو غالبية مدن العراق، قبل العودة إلى يوميات اعتدت كتابتها، لغرض الإفادة من المكتوب فيها كشواهد إثبات تدعم وجهة نظري التي اروم وضعها في كتاب جديد أخذ عنوان (حصاد العاصفة ـ ثقافة التضا
أنت هنا
قراءة كتاب جراح الغابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
هل يعقل أنه لم ينس هذا؟.
وهل يعقل أنه جاء الآن إلى الإنتقام، لهذا السبب فقط؟.
أم أن هناك أسبابا أخرى، تصعب معرفتها؟.
ربما تكون مزحة من مزحه التي كان يهوى إيقاع الزملاء بها أيام زمان.
لكن أسلوبه وتهديده وتهجمه، وشكله المنفعل لا يوحي بأن ما يحدث مزحة، ولا هو ضرب من الخيال.
لماذا يحصل كل هذا إذن؟.
نعم إنه عبد الجليل، الذي يمتلك شهوة عارمة للايذاء، يأمر أتباعه المجاهدين، أو مدعي الجهاد كما هو المصطلح الشائع الآن. لا مجال للتدقيق في التسميات بالنسبة لمن يكون مطروحا على سطح البيت، يتمنى الموت، في الوقت الذي يسعى فيه إلى البقاء. يأمرهم، وهم ينفذون من دون تردد أو نقاش.
الجلوس قرب الشباك المطل على الصالة لابد منه، لإن الوقوف على ساقين غير قادرتين على حمل الجسم الثقيل أمر مستحيل، لكن الاستمرار به يحول دون إتمام المتابعة كما هو مرغوب، وبدلا من الاستمرار، سيكون الجثو على الركبتين حلا يفي بالغرض، خصوصا وإن الألم الذي عادة ما يصاحب القائمين بمثل هذه الحركة أصبح غير موجود، والعقل الذي يتحكم به كذلك غير موجود.
يعود صوت عبد الجليل ليملأ المكان، ويثير الاشمئزاز. (فتشوا غرف البيت، كل زواياه، حتى تجدوه، وتجلبوه أمامي على الفور) بعد أن رد الوالد على سؤال، أكدت إجابته أن سامر قد خرج قبل دقائق إلى محل قريب لشراء عصير، لتناوله في الفطور.
منى الوديعة الهادئة المشاكسة، جلست مذعورة جنب شذى القوية الواثقة من نفسها، تنظران إلى ما يجري بعيون يملؤها الشك الموجود في العالم كله. تتبادلان التحديق مع أب تحاول عيناه أن لا تدمع ضعفا، في موقف الملاواة غير المتكافئ، ومع عيني عبد الجليل، اللتين يتركز فيهما الحقد الغائر نحو الجميع، بعد أن غمره شعور بالكبرياء، والفخر في أن تكون عائلة سامر تحت رحمته الآن.