كتاب "الشراكة الأورو – متوسطية رهانات، حصيلة وآفاق -التجربة الجزائرية والعقبات المحيطة"، استنادا لموضوع الدراسة، المتعلق بالشراكة الأور-متوسطية في إطار مسعى إقامة منطقة للتبادل الحر كأحد صور التكامل الاقتصادي إلى تحديد أهم الآفاق والتحديات المحيطة بالقطاع
أنت هنا
قراءة كتاب الشراكة الأورو – متوسطية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
تمهيد
شهد العالم خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي الوقت الراهن حركة نشيطة وتحولات جوهرية متسارعة.
هذه المستجدات أفرزت مفهوما جديدا للقوى المعتمدة أساسا على القوة الاقتصادية التنافسية في ظل الانفتاح الاقتصادي العالمي الذي يتميز بتحرير التجارة الدولية من خلال إزالة كل أشكال التمييز على حركة انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال، فضلا عن سياسة الاندماج والتوجه لإقامة تكتلات اقتصادية من خلال اعتماد استراتيجيات جديدة لوضع إطار للمبادئ والأسس التي يبنى عليها أي تعامل اقتصادي.
هذا التحول جعل الولايات المتحدة الأمريكية تحتل الصدارة ومكنها من التأثير على صياغة الخطوط الجوهرية للعلاقات الاقتصادية الدولية. بدليل عودة حوض البحر الأبيض المتوسط في مقدمة الانشغالات الدولية من خلال الطرح الأمريكي لمشروع -سوق شرق أوسطية- ليتم توسيعه لاحقا إلى مناطق الضفة المتوسطية الجنوبية وذلك دون إغفال الأهمية الإستراتيجية للمنطقة المتوسطية سواء من جهة مواردها الطبيعية أو طاقتها البشرية سيما بعدما تميزت به العلاقات الأمريكية- الأوروبية في المنطقة.وفي سياق ذلك وفي إطار التوجيهات الإقليمية وعلاقات التكامل الاقتصادي الدولي رغم قلة مقومات التقارب {الاقتصادية، السياسية، الثقافية، العقائدية....} سعى الإتحاد الأوروبي وبخطوات ناجحة لتوطيد وتعميق العلاقة مع دول حوض البحر المتوسط، اقتناعا منه بأهميتها، وذلك لإقامة فضاء اقتصادي أوروبي -متوسطي يتبوأ مكانته بين التكتلات الإقليمية والعالمية { الأمريكية على وجه التحديد} -لأن ما يمكن تسميته ''بالأبعاد الجنوبية southern dimensions" للدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو المجموعات القارية، أصبح يشكل عنصرا مهما في الجيو –إستراتيجيات المعاصرة لذلك فالطرح الأوروبي بالتعاون مع جنوب المتوسط كمقابل للتوسع والانفتاح نحو الشرق يمثل تعبيرا واضحا عن سياسة أوروبا الجديدة في المنطقة المتوسطية.
لتتجسد الأرضية وترسم المعالم لتلك الإستراتيجية بانعقاد مؤتمر – برشلونة –BARCELONE-- الوزاري للتعاون والشراكة الأورو-متوسطية في (27-28/ نوفمبر 1995) والذي شاركت فيه دول عربية متوسطية (باستثناء ليبيا) وأخرى متوسطية غير عربية (12عضو) بالإضافة إلى ممثلي أعضاء الإتحاد الأوروبي (15عضوأنداك) وذلك لإرساء خطة متماسكة للعلاقات بين الضفتين من خلال إقامة إطار عمل دائم ومتعدد الأطراف يقوم على روح الشراكة.
وعلى ضوء هذا التصور قسم- الفصل الأول- من الدراسة الذي يتناول – مفاهيم أولية وخلفية تاريخية عن الشراكة الأورو-متوسطية –إلى مبحثين، حيث يرتكز المبحث الأول إلى إبراز المفاهيم الأساسية والمحددات الجوهرية التي تقوم عليها الدراسة، كالتعاون، الشراكة والشراكة الأورو-متوسطية، ويعرج بعدها إلى تناول البعد التاريخي للشراكة الأورو-متوسطية، بداية بصيغة التعاون باعتبارها أول إستراتيجية رسمية متبعة من طرف المجموعة الأوروبية تجاه المنطقة المتوسطية، إلى المبادرة الأوروبية بإجراء حوار مع العرب وعقد اتفاقيات التعاون في إطار سياسة التقارب المتوسطي الشامل (منذ 1972) ثم تناول الإستراتيجية الأوروبية الجديدة في المنطقة المتوسطية بعد ثبات فشل وعدم فعالية السياسة المتوسطية الشاملة –PMG-بظهور نسق جديد للعلاقات بين الطرفين باعتباره حصادا لعقود طويلة من الجهود والمبادرات الأوروبية والمتوسطية التي بذلت لدعم التعاون وتعميق العلاقة بينهما.