كتاب "الشراكة الأورو – متوسطية رهانات، حصيلة وآفاق -التجربة الجزائرية والعقبات المحيطة"، استنادا لموضوع الدراسة، المتعلق بالشراكة الأور-متوسطية في إطار مسعى إقامة منطقة للتبادل الحر كأحد صور التكامل الاقتصادي إلى تحديد أهم الآفاق والتحديات المحيطة بالقطاع
أنت هنا
قراءة كتاب الشراكة الأورو – متوسطية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
ويرتبط هذا المفهوم بالدول الواقعة على ضفاف البحر المتوسط الذي يجمع دول جنوب أوروبا من شمال البحر وبين بعض الدول الواقعة جنوب شرق المتوسط ونظرا للأهمية الإستراتيجية لحوض المتوسط وبالتحديد بالنسبة للإتحاد الأوروبي سعى- هذا الأخير - إلى ربط وتطوير علاقاته مع دول جنوب وشرق المتوسط ولقد تجسد ذلك في فكرة مشروع الشراكة الأورو متوسطية.و ظهر مفهوم المتوسطية مع بداية السبعينيات إثر السياسة المتوسطية التي قام بها الإتحاد الأوروبي مع الدول الواقعة على حوض البحر الأبيض المتوسط حيث تعتبر أول الترتيبات التي عقدت مع هذه المجموعة من الدول ما تم في أوائل السبعينيات، ففي عام (1972) وضع الإتحاد الأوروبي أول مفهوم شامل تجاه كافة الدول الواقعة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط محاولا إيجاد نوع من التوحيد في معاملة الدول أعضاء الإتحاد الأوروبي مع الدول المتوسطية.
وتعتبر المحاور الأساسية لهذه الإستراتيجية مشكلة الأمن والاستقرار داخل منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، قضية توريد النفط والمواد الخام إلى أوروبا، سياسية التنمية الموجهة نحو إفريقيا والتي يلعب جنوب المتوسط فيها جسر التواصل بين أوروبا وإفريقيا، وقد تم في الفترة الممتدة من(1972إلى 1976) توقيع العديد من الاتفاقيات بين المجموعة الأوروبية (آنذاك) وبعض الدول المتوسطية حيث وفرت هذه الاتفاقيات قدرا كبيرا من التعاون بين الطرفين في مجالات مختلفة كالتجارة، الصناعية والقطاع التمويلي وتقديم لبعض المنتجات الزراعيةوالمنتجات نصف المصنعة إعفاء جمركية، فضلا عن الاتفاقيات الاقتصادية والتمويلية التي تم توقيعها بين الطرفين والتي يتم بموجبها تحويل الإعانات المالية والقروض دون فوائد وإئتمانات التنمية إلى الدول المتوسطية.(24)
وفي سياق ذلك ينظر –ناصيف حتى -إلى الشراكة الاور متوسطية على أنها "نهج أوروبي للتعاون مع دول كانت كلها تقريبا وإلى أمد قريب ضمن منطقة النفوذ الأوروبية بأسواقها ومواردها الأولية."(25)
ومن هنا يتضح توجه الإتحاد الأوروبي إلى إقامة شراكة مع دول جنوب وشرق المتوسط لاعتبارات تاريخية وجغرافية حيث كانت معظم دول جنوب وشرق المتوسط مستعمرات لبعض الدول الأوروبية مما يمكن- هذه الأخيرة- من بسط نفوذها عليها في مختلف المجالات السياسية منها والاقتصادية.
فبالنسبة إلى أوروبا" الشراكة تعني مصالح مشتركة تهدف إلى تكثيف المبادلات الاقتصادية والتعاون في المنطقة وتفسر أيضا على أنها توسيع للدعم الأوروبي لحكومات ودول تعاني من مشاكل متعددة إنها ببساطة دعوة للتفتح"(26) فالشراكة بهذا المعني دعوة للاندماج في الاقتصاد العالمي ومواكبة المستجدات العالمية في مختلف الميادين.
أما –فتيحة تلاهيت– فترى أن" الشراكة بين الإتحاد الأوروبي ودول الضفة الجنوبية للمتوسط مشروع تعاون وحتى يصبح هذا التعاون ممكنا يجب تحديد المصالح والأهداف لكل الأطراف المشاركة".(27)
وبالنسبة لدول جنوب وشرق المتوسط تمثل الشراكة أداة جوهرية لمواجهة التغيرات العالمية ومواكبة التحولات الجديدة في المنطقة ويتطلب منها ذلك إصلاحات وتغييرات جذرية في هيكلتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لذلك فالشراكة بين الطرفين مبنية على المصالح المشتركة وعلى التقارب والتعاون في جميع المجالات الاقتصادية المالية، السياسية، الاجتماعية والثقافية.وبالتالي فهي تمثل نقطة تحول في مسار العلاقات الاقتصادية الدولية نتيجة للمستجدات العالمية على جميع الأصعدة وفي مقدمتها انهيار المنظومة الشيوعية التي فسحت المجال للولايات المتحدة الأمريكية بالبروز كقطب عالمي مهيمن في مختلف الميادين مما دفع ذلك بالإتحاد الأوروبي إلى محاولة التحرر من القبضة الأمريكية والخروج من تحت مظلتها وذلك بتوطيد علاقاته بدول جنوب وشرق المتوسط وتطويرها من مجرد علاقات تعاون إلى علاقات حوار بين الطرفين والارتقاء بها إلى شراكة حقيقية وتعاون فعال يتيح للإتحاد الأوروبي الفرصة للظهور كقطب عالمي له ثقل اقتصادي ووزن سياسي ومن ثمة منافسة الولايات المتحدة الأمريكية في إطار المشروع -الشرق أوسطي- في المنطقة.