كتاب "الشراكة الأورو – متوسطية رهانات، حصيلة وآفاق -التجربة الجزائرية والعقبات المحيطة"، استنادا لموضوع الدراسة، المتعلق بالشراكة الأور-متوسطية في إطار مسعى إقامة منطقة للتبادل الحر كأحد صور التكامل الاقتصادي إلى تحديد أهم الآفاق والتحديات المحيطة بالقطاع
أنت هنا
قراءة كتاب الشراكة الأورو – متوسطية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
أولاً: مفاهيم أولية
تتعدد المفاهيم النظرية لتحقيق التنمية الأمن، السلم والاستقرار على المستويين الوطني والدولي، ولكن ثمة مفاهيم- مصطلحات- أساسية تكتسي أهمية جوهرية في دراستنا هذه وهي، التعاون والشراكة التي لها طابعا متميزا في ضبط عناصر التحليل ومنه التحكم في الموضوع وباعتبارها من أكثر المفاهيم النظرية اقترابا لموضوع البحث فهي تختلف في مستويات تشابكها وتطورها في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية وحتى الثقافية لذلك سيتم الاعتماد عليها للوقوف على مدى تطابقها مع الواقع الذي تعالجه هذه الدراسة وذلك بتحليل الإستراتيجيات الجديدة المطروحة ومدى ملاءمتها في مواكبة عمليات التنمية في ظل تنامي ظاهرة العولمة، وفيما يلي سيتم التطرق إلى أهم أسس التي ترتكز عليها مفاهيم التعاون والشراكة.
التعاون:-coopération-
1. المدلول اللغوي للتعاون:
ويعني التعاضد والتآزر، وهي سياسة مساعدة اقتصادية، تقنية ومالية لبعض الدول السائرة في طريق النمو.
(coopération:politique d'aide économique; technique et financière à certain pays en voie de développement."(1"
ولقد لجأت هذه الأخيرة -الدول السائرة في طريق النمو- في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية للتفكير الجدي والسعي إلى تطوير علاقتها فيما بينها أو مع غيرها من الدول الغربية، وبناءا على ذلك توجهت إلى تبني نماذج إنمائية، بعضها مستنبط من الواقع المحلي والبعض الآخر مستورد،(2) وفي كلتا الحالتين فالهدف كان واحدا وهو محاولة حصر أسباب التخلف من جهة والانطلاق نحو تشييد اقتصاديات تواكب التطورات الدولية السريعة. وبعبارة أخرى فالتعاون لا يمكن أن يحدث ما لم تشهد الدول النامية انطلاقة حقيقية في تنمية اقتصادياتها ومحاولة اقتحامها للأسواق الدولية
وفي الحقيقة فالتحولات التي عرفها المجتمع البشري في القرن العشرين (3) كانت نتيجة إفرازات الثورة الصناعية وما تبعها من ابتكارات في المجالات التقنية وزيادة في حجم الإنتاج على المستوى الدولي. ولقد كان هذا ضروريا للوصول إلى تأمين الحاجات والخدمات الإنسانية الضرورية ولاستمرار بقاء الدول بكيفية جماعية وسلمية، وغالبا ما يتخذ التعاون- –Coopération طابعين: طابع مفرد يعبر عن إرادة الأمم أو الأطراف أو الشعوب في المساعدة والعمل معا، أما الطابع الثاني فهو التعاون المكـره الذي يكـون عن طريق إجبار الدولة على التعاون في مجال معين دون إرادتها، وهذا ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في العديد من المناطق في العالم أثناء الحرب الباردة لمواجهة المد الشيوعي سواء في شكل -أحلاف عسكرية -كمنظمة حلف الشمال الأطلسي - أو تعاون اقتصادي مثلما كان عليه الحال ولا يزال ما يطلق عليه بالنمو الآسيوية (هونغ كونغ، تايوان، سنغافورة، كوريا الجنوبية وماليزيا) وكذلك بالنسبة للدول الأوروبية المتضررة من الحرب العالمية الثانية في تفاعلها مع مشروع مارشال(4).
كما يمكن أن يتم التعاون في إطار منظمات دولية كصندوق النقد الدولي- - FMI البنك الدولي للإنشاء والتعمير –BIRD-والمنظمة العالمية للتجارةOMC--كما حدث مثل هذا التعاون في المعسكر الاشتراكي (سابقا) والذي تجسد في مجلس المساعدة الاقتصادية المتبادلة الكوميكوم –COMECOM-والذي حال دون استمراره بانهيار الإتحاد السوفياتي.
ومن الأمثلة الأكثر شيوعا منذ القدم ما كان يعرف بالتحالف- -ALLIANCE وهو تعبير يطلق على تنظيم أو التزام عدد من الدول باتخاذ تصرفات تعاونية معينة(5)، ضد دولة أو دول أخرى في ظروف معينة ويستعمل مصطلح الحلف أساسا لتحديد نوع معين من الاتفاقيات كالحلف الأطلسي، حلف وارسو، وحلف جنوب شرق آسيا، وفضلا عن ذلك فهناك أمثلة لهذا النوع من التعاون دون اتخاذه طابعا رسميا كالعلاقات الخاصة القائمة بين أمريكا وبريطانيا والتي تجلت في أشكال متعددة من التعاون المميز، كذلك هناك تعاون يعرف بالانحياز فالدولة الصغيرة ولكي تقي نفسها من المخاطر الداخلية والخارجية تعتمد في حماية وجودها على القوى العسكرية للدول الكبرى أو تتلقى منها توجيهات مباشرة أو غير مباشرة تكون في حالة انحياز لها أكثر من كونها متحالفة معها.
ومن الواضح أن العامل الاقتصادي يكتسي دورا مميزا في تطوير مفهوم التعاون وإثرائه وتوسيع مجالات تجسيده وبذلك أصبح التعاون الاقتصادي ذو دلالات لا يمكن إنكارها على صعيد العلاقات الدولية سيما بعد نهاية الحرب الباردة(6).فهو العامل الرئيسي الذي يودي إلى تحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي للدول التي يتم التعاون فيما بينها ويقلل من النزاعات الدولية مما يدعم ذلك الاستقرار والأمن ويزيد من ثقل الدولة.