أنت هنا

قراءة كتاب باب القشلة - كتابات في الرواية والشعر والمكان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
باب القشلة - كتابات في الرواية والشعر والمكان

باب القشلة - كتابات في الرواية والشعر والمكان

في هذا الكتاب يقول الكاتب العراقي عبد الستار ناصر، يتمم كتابي السابق (سوق السراي) أجمع فيه شلّة رائعة من الشعراء والروائيين وكتّاب المذكرات.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
أفلم يكن كلّ تغيير جذري في التاريخ، بفعل الكلمة··
 
أفلم تُرهب ولا تزال خفافيش الليل: المتسلّطين، والبطّاشين والأفّاكين؟؟ أفلم تقضّ مضاجع قامعي الفكر والحرية؟؟
 
لقد لاحظ بسّام، عبر متابعته الجادة الطويلة، في الساحة الثقافية، افتقار المكتبة الغربية، وبصورة خاصة المكتبة الأميركية، إلى أعمال، أو، على الأقل، بعض أعمال شاعررين من أهم شعراء القرن المنصرم، واللّذين، أثّّرت أشعارهم، لا في الحركة الشعرية المعاصرة فقط، بل وفي بُنى ا لحياة الاجتماعية··
 
قد يكون سبب إهمال المترجمين، ترجمة بعض أعمالهما، أو التهرب من الاقدام على ترجمتها، الى صعوبة ترجمة الشّعر السّهل، السّلس، المكتوب بلغة يفهمها عامة الناس - لا الأقلية المثقفة - فمن المؤكد أن مثل هذه الترجمة، لن تستطع أن تحافظ على النّبر الشعري، وموسيقاه، أو على الذائقة الفنية التي يتمتع بها قارئ أشعار هذين الراحلين الكبيرين···
 
وقد فطن نزار الى هذه الناحية، وجهر بها، في رسالته لبسّام تاريخ 4 2 /6/3 9 ·· ومما جاء فيها :
 
فالشعر، حالة ممتازة، لا يمكن نقلها إلى أية لغة أخرى، بغير تقديم تنازلات مخيفة·
 
وبالنسبة لي، أصبحت على يقين أن شعري غير قابل للترجمة·· لأنه شعر بسيط وفيه كثيرٌ من الطفولة· والطفولة لا تُترجم··
 
ويلتقي عبد الوهاب، الى حد ما مع نزار، في هذه النقطة·· وقد دفعته حساسيته الشعرية، أن يطلب من بسّام إحلالٌ كلمات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، محل سابقاتها، ومع ذلك فإنه أقرّ بترجمة بسّام لشعره وأُعجب بها وأثنى عليها·· وهذا ما جاء في رسالته لبسّام تاريخ 2/10/98 :
 
ان عملك هذا لهو عمل رائع يستحق التهنئة والثناء والإعجاب
 
والحق يقال أن بسّام لم يجازف بانحيازه الى اقتحام مصاعب ووعورة ترجمة الشعر السهل الممتنع لو أنه لم يكن واثقاً من مقدرته في الترجمة الإبداعية، وقد خبرت أنا، شخصياً مدى صعوبة ترجمة السهل الممتنع··
 
وقد تحخقّق لبسّام ما أراد: وهو إطلاق بعض أعمال هذين الشاعرين في كتابين، ضمّا مختارات مترجمة الى الانكليزية من إبداعات الراحلين عبد الوهاب ونزار، بالإضافة الى ترجمته الرائعة إلى الإنكليزية لرواية: الوباء، للراحل الكبير هاني الراهب··
 
وقد شهد له بترجماته الفذة كبار الأساتذة الجامعيين والضالعين في فنون الترجمة، نذكر منهم على سبيل المثال: البروفسور عرفان شهيد، والبروفسور هشام شرابي، والبروفسور ابراهيم ابراهيم، والبروفسور سليمان ساره وأخيراً وليس آخراً الناشر الشهير دونالد ايه هيردك Donald E. Herdeck
 
ورغم تمحور هذه ا لرسائل، كما ذكرت، حول هدف واحد وهو أن يرى أصحابها بعض ابداعاتهم وقد ترجمتْ ونُشرت بالانكليزية، فانها لم تنكفئ ضمن تلك الحلقة الضيقة، بل تعدّتها إلى آفاق أخرى·· لا سيما أن فضاء المبدع لا حدود له·· وفنه يغلب كل شيء·· وأن ما ينهمر من قلمه، من الكلمات فإنها تستطيع، مهما كانت هذه الكلمات بسيطة، أن تخلق نوعاً من العلاقة الودية مع قارئها··
 
وحده الفنان من يستطيع أن يؤالف بين المتناقضات، ويحيلها الى عالم متّسق في انسجامه···
 
أما رسائل الروائي الراحل هاني الراهب، فهي أيضاً قد حُصرت في موضوع واحد··· وقد حملت أسطرها، على قلة هذه الرسائل، من ال مرارة والأسى، ما تنوء عنه راسيات الجبال··
 
وتُشير هذه الرسائل أيضاً إلى تحسّره على فقدان أمته لحرية الكلمة ومن أراد الخروج عن القاعدة، فمصيره الملاحظة والاضطهاد والتشرد·· ولكن الأديب الحر - وما أقل الأحرار - يضحّي بكل شيء، وفاء منه لحرية الكلمة، والجهر بها، على حساب كل الأمور الأخرى··

الصفحات