الشرق الأوسط هو بالضبط، محور العالم القديم ومركزه، تمر به أقدم طرق التجارة العالمية وأحفلها بالأعمال، ويصل أوروبا وشمال أفريقيا بآسيا، كما يربط جنوب أفريقيا بمناطق الجنوب الآسيوي في أستراليا وجوارها.
أنت هنا
قراءة كتاب غلوب باشا جندي بين العرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
كانت جميع الأقطار العربية، قبل عام 1914م، تشكل نظرياً، جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، ولكن الأتراك لم يكونوا يبذلون جهداً يُذكر في توطيد سلطانهم على المقاطعات النائية، وإنما كانوا يحتفظون بقوات مهمة من جيوشهم في المدن الكبيرة مثل بغداد ودمشق فقط، في حين تظل البقاع الريفية تحت حكم رؤساء القبائل العرب، الذين كانوا يؤدون للسلطان خَراجاً ضئيلاً.
وفي عام 1915م، أعلن الشريف حسين (شريف مكة) بالاتفاق مع بريطانيا، الثورة على الأتراك، وقاتل ابنه فيصل مع المارشال ((اللنبـي)) جنباً إلى جنب في شرقي الأردن ومعه بعثة بريطانية كان من أعضائها الكولونيل ت. إي. لورانس.
ووُعِدَ العرب، مقابل خدماتهم تلك بحكومة مستقلة، في نهاية الحرب. وعُيِّنت حدود الدولة العربية المقبلة عند خط الطول 37 في الشمال، وتخوم بلاد فارس والخليج الفارسي في الشرق، والأوقيانوس الهندي – ما عدا عدن – في الجنوب، والبحرين الأحمر والمتوسط في الغرب، وقد أُخرجت من هذا التخطيط قطع من سوريا تقع غربي دمشق وحمص وحماة وحلب.
هذه العهود نُقضت من الجانبين، وكانت بريطانيا هي البادئة بالنقض، إذ أعلنت وعد بلفور في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1917م، وبه قرَّرَت أن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، فكان هذا الوعد أول مشكلة.
والمشكلة الثانية سببتها فرنسا، إذ وعدتها بريطانيا بالجزء الغربي من سوريا الذي لم تشمله التعهدات التي قُطعت للشريف حسين، فلما قامت الدولة العربية في دمشق تحت حكم الأمير فيصل – كانت تضم دولة سوريا الحالية وشرقي الأردن – واحتلت فرنسا المنطقة الغربية المعروفة الآن بـ ((لبنان)) ، عمدت هذه الأخيرة إلى احتلال سوريا كلها.
وهكذا.. كانت البقعة التي تحتلها فرنسا وراء الساحل اللبناني، وما وراء ساحل فلسطين، القائم شرقي نهر الأردن، قد تحولت إلى دولة عربية تقوم عاصمتها في دمشق. وبعد أن احتلت فرنسا دمشق، ظل شرقي الأردن في حالة فوضى، لا يمكن أن تقوم به البتة أية حكومة مركزية.
في تلك الأيام الصعبة اتفقت الحكومة البريطانية مع الأمير عبدالله، شقيق الأمير فيصل وابن الشريف حسين على تشكيل حكومة شرقي الأردن، وبالفعل شكّل الأمير عبدالله حكومته عام 1921م، وتولى الكابتن ((بيك)) من سرية الدوق ((وللنجتن)) قيادة جيشه؛ هذا الجيش دُعي: ((الجيش العربي)) ، وبالإنجليزية: ((الفرقة العربية)) .
لم أكن عام 1921م موجوداً في شرقي الأردن، عندما أنشأ ((بيك)) باشا الفرقة العربية الأولى؛ كنت قد ذهبت إلى العراق عام 1920م كضابط بريطاني، وفي عام 1926م استقلتُ من بعثتي العسكرية، ودخلتُ في خدمة الحكومة العراقية.
كان الأتراك قد أهملوا الصحراء، ولم يعنوا بشيء مما يجري فيها، ولذا، كانت قبائلها البدوية تتقاتل فيما بينها دون أي وازع من أي سلطة. وما كان لإدارة عصرية أن تسمح بقيام حروب خاصة، فالتزمتُ وضع حد لغارات الصحراء في العراق بأمر من حكومته الجديدة، للفترة من عام 1926م ولغاية 1930م.