الشرق الأوسط هو بالضبط، محور العالم القديم ومركزه، تمر به أقدم طرق التجارة العالمية وأحفلها بالأعمال، ويصل أوروبا وشمال أفريقيا بآسيا، كما يربط جنوب أفريقيا بمناطق الجنوب الآسيوي في أستراليا وجوارها.
أنت هنا
قراءة كتاب غلوب باشا جندي بين العرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
جلست على كرسي ممسكاً به، ورحت أردد، على غير وعي لنفسي: ((اللهم كن في عوننا! ساعدنا يا رب!)) . وارتفعت الأصوات فجأة في غرفة العمليات، فخيل إليّ أنها ثابت إلى صحوها بعد البنج، وسمعت صوت زوجتي صارخاً:
- هل الطفل بخير يا دكتور؟
- نعم! نعم! كوني مطمئنة. إنه بخير! .
امتد الصمت دقائق قليلة. ثم صرخت ثانية بصوت يفعمه الكرب والقلق:
- يا دكتور! هل هو حقيقة بخير؟
- نعم! نعم! كوني مطمئنة! إنه بخير.
لم أستطع تحمّل الموقف، فقفزت من مكاني ورحت أمشي ذهاباً وإياباً. ثم فُتحت الأبواب فجأة وأخرجوها. كانت بيضاء، شديدة البياض، وظهرت فاقدة الوعي من جديد، وحملوها إلى غرفة قريبة، والتفت إليّ الطبيب قائلاً:
- من الأفضل أن تتركها بعيداً لتنام! ارجع في الساعة التاسعة.
اتجهت نحو البيت وسط الشوارع المظلمة. أطل نور شاحب في الشرق. وعندما بلغت المنزل، وجدت الجندي الخادم والطباخ ينتظران لدى ممر الحديقة، فقالا لحظة شاهداني بلهفة:
- خَبِّر، خيراً إن شاء الله! .
- السيدة بخير! ولكن ابني مات! .
وركضت أجتازهما إلى منزلي، وأغلقت الباب..
وكان أن دفنته على الرابية القائمة عبر الوادي قبالة منزلنا، وكانت هناك مقبرة بدائية صغيرة لنصارى العرب. لم يكن ثمة بريطانيون حزانى، لا لأنهم لا يستقبلون بعطف، بل لأنهم كانوا قلة يومذاك في عمان، يضاف إلى ذلك أنني لم أشعر بحاجة إلى التكلم مع أحد. وقد قام كاهنان عربيان مسيحيان بطقوس الدفن، ووقفت أنا وخادمي الجندي وسائق السيارة بجانب المقبرة.
ارتفعت قوة الوحدات العسكرية في الجيش العربي، خلال آخر عام من أعوام الحرب العالمية، إلى ثمانية آلاف. وكانت هذه القوة تتألف من:
أ- اللواء الآلي، ويندرج فيه لواء الأركان العامة وثلاث سرايا. وقد كان في الحقيقة لواء مشاة، دون سندٍ من أسلحة، أو مؤخرة تقوم بخدماته، ولم يكن لديه مدفعية، ولا وحدة هندسة، ولا مدد ولا وسائل نقل؛ كان لديه طبيب ضابط في كل سرية، دون أي ناقلة ميدان.
ب- ست عشرة ثلة حرس موزعة في سوريا والعراق والأردن وفلسطين، هذه كانت وحدات حراسة لم تتدرب على الفنون العسكرية، ولم يسبق لها أن انتظمت في كتيبة أو لواء(2).