أنت هنا

قراءة كتاب الصدى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصدى

الصدى

المجموعة القصصية "الصدى" للكاتب محمد زكريا الزعيم، يقول في مقدمتها:

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
الصفحة رقم: 6

ولادات متعددة

لا شيخوخة لنفس تثريها التجارب
صوت الحياة
يطل الإنسان على الوجود مرة واحدة في ولادة وحيدة فريدة لا تتكرر ، تنقله من العدم إلى الوجود ، ومن رحم الأم إلى حضن الأرض ، تلك هي ولادة الجسد ! .
ولكن النفس الحكيمة ، تأنف تلك الولادة اليتيمة التي يقف دورها على تلك النقلة المألوفة المعتادة ، فهي لا تقبل بولادة قاصرة كل ما في طوقها ، بثّ الروح وبعث الحياة ، لأنها تدرك أن حياةً متعددة الجوانب ، متنوعة الأنشطة ، تحتاج إلى بعث جديد ، وولادة متكررة عند كل فجر ، وإثر كل واقعة ، وفي منعطف كل حدث ! وذلك للتأمل واستخلاص العبر وتقليب الأمر على كل الوجوه ، والنظر إليه من مختلف الزوايا .
فكما تنتقل الطبيعة من خريف إلى شتاء إلى ربيع فصيف ، ينبغي للنفس أن تنتقل من اختبار إلى عبرة ، ومن تجربة إلى اتِّعاظ ، ومن قضاء إلى اعتبار ، فتتخذ من كل واقعة درساً ، ومن كل ذكرى موعظة ، ومن كل نازلة ثراء ! .
فالعاقل من يعيد تنظيم ذاكرته من حين إلى لآخر ، ولا سيما في موسم النفس حيث ينضّد خبراته في واعيته كما ينضّد كتبه ، وينسّق مشاعره في صدره كما ينسق أزاهره ، ثم يضيء بصيرته من مزود التجارب وكنانة العبر ومستجدات التجارب ، فلا يسكره نجاح ولا يفتُّ في عضده خطب ولا إخفاق !
ولا يكن كلُّ حظه من الدنيا فرحاً أو مسرة ، يأساً أو وحشة بل درساً وعبرة ، وموعظة وخبرة .
بذلك يرتقي المرء ، ويصبح قادراً أن يعلو على الحزن والفرح ، والألم والغبطة ، ويستوي على صهوة الحياة في الإقبال والإدبار ، فما أخسر ذلك الذي لا يتجدد مع كلّ سحر ، ولا ينشط مع كل فجر ،فإنه سيغدو لا محالة بحيرة آسنة أو مستنقعاً نتناً . .
 

الصفحات