المجموعة القصصية "الصدى" للكاتب محمد زكريا الزعيم، يقول في مقدمتها:
أنت هنا
قراءة كتاب الصدى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الصدى
في رحاب الإيمان
السجدة الفضلى
" إن السجدة التي هي جديرة بالاهتمام هي السجدة التي تحرم عليك كل سجدة لغير الله "
محمد إقبال
من منا لا يبتغي الرفعة وينشد العلاء ويهفو إلى منزلة سامقة بين الذرا والنجوم ؟
يا لها من أمنية غالية تدغدغ الأحلام ، وتتحلّب لها الأفواه ! ولكن السبل إليها كثيرة والعقبات دونها كأداء ، والسارون نحوها في ضلال ! مع أن السبيل إليها أهدى من الكف إلى الكف ، وأدنى من الجفن إلى العين فهلا نظرت كيف يرتفع النبت ، ويستوي على سوقه الزرع !
فإن ذلك لا يتأتى دون أن يغيب في طيات الثرى ويمس بجبهته أديم الأرض ، فمن نشد هذا العلو ورام ذلك الارتقاء فليجعل من الثرى موضعاً لجبهته وموطئاً لسجدته وذلك لمن جعل الأرض بساطاً والثرى له مسجداً ففي ذلك علوٌّ وأي علو ورفعة وأي رفعة ، وسمو وما أدراك من سمو ؟ !
ولنحذر في الوقت نفسه من كل سجدة سواها ، فإننا لا نجني منها إلا الذل والتردي والانكسار ، فإن العزّة لا تلتمس إلا من رب العزة الذي ارتدى عباءة الكبرياء وحلل الجلل وحقّ له ذلك فمن سواه بذلك الرداء جدير !
فإن العزة لا تلتمس إلا من رب العزة كما أن النور لا يلتمس إلا من مشكاة النور ،الري لا يلتمس إلا من ينبوع العذب الفرات ! .
فمن ابتغى العزة بغير ما أعزه الله أذله الله
فقد جمع الجاه بمن ركن إليه
وما المال بمن اطمأن إليه
أزرى العلم بمن استندر إليه !
فمن ابتغى سجدة حق فعليه أن يقطع العلائق بالخلق وليئس مما في أيديهم حينئذ سيأتيه النداء : " اترك نفسك وتعال إلي "
فإذا ما تجرد المؤمن من رداء ذاته كُسي رداء غرّ لا يبلى نسيجه ومقام لا يعلى عليه
فإذا أتاه بذنبه أقبل عليه بمغفرته
وإذا أتاه بضعفه أقبل عليه بقوته
وإذا أتاه بعجزه أقبل عليه بعزته
وإذا أتاه بجهله أقبل عليه بحكمته
وإذا أتاه بفقره أقبل عليه بغناه
وتذكر بأنك إذا رمت هذه السجدة فليكن وضوءها ألا تركن إلى تدبيرك ولا تطمئن إلى طوقك ولا تفتأ تغتسل من ذنبك !
حينئذ ستكون سجدتك سجدة تحرم عليك كل سجدة لسواه ! .
نفسك سائرة
نفسك سائرة بك ، وقلبك طائر بك فكن مع أسرعهما
إبراهيم بن داود الرقى
ما أعظم أن ينتقل المرء على ذرا المكارم ، كما تنتقل النسور على قمم الجبال وتتبوأ الأطيار أفنان الأشجار ، ويقبِّل النحل زاهي الأزهار !
ولا بد لمن يتطلع إلى تلك المنزلة أو تشرئب عنقه إلى تلك الذروة أن يشمِّر الساعد ويقوي الجناح ويبسط البساط ليرتقي في الآفاق فتلك منزلة لا تصل إليها خطوات وئيدة ، ولا تبلغها أقدام حنّت إلى الثرى أو اثّاقلت في الأرض .
فيا من تحن إلى أن تهجر الثرى وتجلي الغبار وترتقي في الآفاق لا يكن مطعمك توق وهوى ، وخبز وإدام .
فَمَن لزم الموائد كان سيره دبيب خطوة ، ومن رنا إلى السماء كان ارتقاؤه خفقة جناح !
فيا من أراد للنفس عروجاً ، وللمقعد علوّاً ، ورام لطيرانه جناحاً ولرحلته نجاحاً ! .
انظر أيُّ الدرب ، وإلام المقصد ؟
وابتغِ أطايب الزاد ، فما كل زادٍ يرتضي ذاك الطريق !