أنت هنا

قراءة كتاب اللغة والفكر وفلسفة الذهن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اللغة والفكر وفلسفة الذهن

اللغة والفكر وفلسفة الذهن

تحيل الإشكالات التي يعالجها هذا الكتاب على المجالات التالية: علم النفس المعرفي (Cognitive psychology) واللسانيات والفلسفة. والنواة المركزية التي تحوم حولها هذه الإشكالات كلها يلخصها سؤال هام هو: ما طبيعة الفكر؟.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
النزعة الفيزيائية ووحدة العلم
 
لقد ذهب فتجنشتاين في الرسالة (1921) إلى أن مهمة الفيلسوف، من حيث إنه ناقد للغة، تكمن في الاستدلال على أن الذي يصوغ جملة لا تنتمي إلى المنطق أو إلى العلوم الطبيعية يكون قد أتى بجملة تتضمن دلائل خالية من المعنى. (2) وعلى الرغم من أن فتجنشتاين لم ينتسب في يوم من الأيام غلى حلقة التجريبيين (أو الوضعيين) المناطقة المعروفة بحلقة فيينا(3)، فإننا نجد رواد هذه الحلقة يتلقفون هذا التصور ويدفعون به إلى نهاياته. فقد ذهب كارنب(4)، في سياق الدفاع عن أطروحة فتجنشتاين، إلى أننا إذا عدنا إلى بحث المشاكل التقليدية التي عالجتها الفلسفة نجدها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
 
1- مشاكل تتصل بموضوعات العلوم الخاصة.
 
2- مشاكل تتصل بموضوعات متخيّلة، لا تدّرس في أي علمٍ من العلوم الخاصة (مثل الشيء في ذاته (The thing-in-itself) والمطلق... إلخ).
 
3- مشاكل تتصل بالمنطق.
 
وعندما نشطب على القسم (2) لأنه وهمي؛ لا تبقة أمامنا إلا المشاكل المتصلة بالمنطق، وهذه الأخيرة هي المشاكل التي يتعين على الفلسفة أن تهتم بها.
 
وقد ارتبط بهذا الموقف الفلسفي العام الذي كان يرمي بالأساس إلى التحرر من الميتافيزيقا موقف آخر دافع عنه التجريبيون المناطقة خلال الثلاثينات من هذا القرن يقضي بـ "وحدة العلم". وكان هذا الموقف إدانة صريحة للفواصل الاعتباطية المصطنعة التي خلقها الاستعمال اللغوي وكرستها النــّظم الأكاديمية بين المباحث العلمية(5). وكان كذلك دعوة صريحة إلى اصطناع مقاربة تخاصية في البحث والدفع وبالفلسفة لكي تتصل اتصالاً وثيقاً بالعلم.
 
تعني عبارة "وحدة العلم" حسب أوبنهايم وبوتنم (338:1958) معنيين: الأول هو الحالة المثالية للعلم، والثاني هو التيار الفكري الذي يدفع العلم بقوة نحو هذه الحالة المثالية. وإذا نحيّنا جانباً المعنى الأول، ووقفنا عند المعنى الثاني وجدنا الوضعيين أول من انخرط بثقة تكاد تكون مفرطة في الدفع بالعلم إلى هذه "الحالة المثالية".
 
وقد مرّ برنامجهم بمراحل مختلفة باءت كلها بالفشل. ففي المرحلة الأولى ذهب كارنب إلى أن وحدة العلم لا يمكن أن تــُبلَغَ إلا إذا شيدنا لغة تجريبية كلية. ولذلك اعتمد في تشييد هذه اللغة على اللغة التي اقترحها راسل في "المبادئ...". وقسم دلائل هذه اللغة إلى الأنماط عينها التي قال بها راسل. كما أن الجمل في لغة كارنب بنيت من الدلائل المحددة النمط (Type determined signs) تماماً كما هو الشأن عند راسل. غير أن كارنب ذهب إلى أن العناصر الأساسية التي تقع في أدنى سلّمية الأنماط مصدرها "التجارب الأولية" التي تــَعِنُّ للعّالِم، علىعكس راسل الذب افترض أن هذه العناصر، أو ما يسميه هو بمجال الأفراد (Domains of individuals)، غير محدود ولم يقترح له أي تخصيص(6).

الصفحات