لقد شكلت قضايا ومفاهيم خاصة، مثل: التقليد / الحداثة، العلم / الجهل، السلم / الحرب، الحرية/ العبودية، الديمقراطية/ الاستبداد، الشرق/الغرب، التسامح / التعصب، النهضة / الانحطاط، الدين / العلمانية، التنمية / التخلف، وغير ذلك من الثنائيات المستمدة من عمق المجتمع
أنت هنا
قراءة كتاب اللغة والفكر - دراسات نقدية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
مـقـدمة
لقد شكلت قضايا ومفاهيم خاصة، مثل: التقليد / الحداثة، العلم / الجهل، السلم / الحرب، الحرية/ العبودية، الديمقراطية/ الاستبداد، الشرق/الغرب، التسامح / التعصب، النهضة / الانحطاط، الدين / العلمانية، التنمية / التخلف، وغير ذلك من الثنائيات المستمدة من عمق المجتمعات العربية والإسلامية، والمعبرة عن رؤية نخبها المثقفة، وتصور علمائها، عبر تاريخ الفكر السياسي والعلمي والفقهي والاجتماعي لهذه الأمة محور المشاريع التي استند إليها أبرز المفكرين الذين شغلوا بهموم الفكر والثقافة العربية الإسلامية في علاقتها من جهة بإشكالية التخلف والتنمية ومن جهة أخرى بعلاقة العرب والمسلمين بالغرب إنساناً وفكراً وحضارة.
وإذا كان هؤلاء المفكرون والعلماء على اختلاف توجهاتهم، وتخصصهم قد أجابوا عن الأسئلة الشائكة الثاوية خلف هذه الثنائيات، وحللوا وقاربوا ما رأوه أساسياً وضرورياً وحاسماً في تحقيق التطور، وتجاوز أسباب التخلف والجهل وما ينتج عنهما؛ فإن القضايا ذاتها والأسئلة الشائكة نفسها، وإن اتخذت لها أحياناً مسميات أخرى، أو مصطلحات بديلة، مازالت تشكل هاجساً يؤرق مجموعة من المفكرين والمثقفين والعلماء. فمن جهة لقد بقي واقع الأمة العربية الإسلامية على تخلفه، واستبداده، ومن جهة أخرى لأن تلك التصورات والإجابات التي قدمها المفكرون السابقون عجزت عن تقديم حلول دقيقة، وعميقة، إما لسوء منطلقاتها، أو فساد منهجها، أو لانحرافها عن هدفها الحقيقي في تحقيق التطور المنشود والنماء المطلوب.
وإذا كان من غير الطبيعي ولا المنهجي أن ننكر تلك الجهود السابقة، المتمثلة في إنجازات فكرية وعلمية وفقهية ونقدية جادة لثلة من المصلحين والمجددين والمجتهدين، والتي ما يزال تاريخ الأمة شاهداً عليها.
إلا أنها لم تكن قادرة على تشكيل نظريات فكرية، أو مشاريع متكاملة قادرة على حل تلك الإشكالات والإجابة عن قضاياها ومفاهيمها التي لازالت حتى الآن قائمة وبشكلٍ أكثر حدة.
ويكفي هنا أن نذكر بتلك المشاريع التي قدمها كل من الإصلاحيين أمثال: محمد عبده الذي كان من أول وأبرز رواد الإصلاح من خلال مشروعه المتحرر من العوائق والقيود والجمود الفكري والعقلي الذي هيمن في مجالات عديدة ترسخت بفعل وجود فقهاء وعلماء ودعاة ومفكرين أساؤوا إلى الأمة والدين ومن خلال تفسيرات وتأويلات متحجرة بعيدة عن الاجتهاد الذي هو من صلب الدين، وتحرير العقل من القيود كي يواجه الاستبداد والجهل والتخلف ويسمو بالأمة نحو العلم والتقدم.