نحمدك اللهم ونستهديك، ونستعين بك ونتوكل عليك، ونصلي ونسلم صلاة طيبة زاكية مباركة، على من ختمت به الشرائع وأرسلته رحمة للعالمين–سيدنا محمد(ص)- وعلى صحابته الذين اصطفيتهم من خلقك، وائتمنتهم على تبليغ شرعك إلى الناس كافّة.
أنت هنا
قراءة كتاب الاسناد الصحيح المتصل من خصائص الأمة الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
أمّا أبو أيوب الأنصاري، فقد رحل من المدينة إلى مصر ليلتقي عقبة بن عامر، ويتأكد من حديث كان (أبو أيوب) قد سمعه من النبي، وشاركه في هذا السماع عقبة بن عامر في ستر المسلم؛ إذ لم يبق أحد سمعه من النبي غيرهما..فلمّا سمع الحديث من عقبة ((من ستر مؤمنا في الدنيا على خزية( ) ستره الله يوم القيامة)) عاد إلى راحلته، فركبها راجعا إلى المدينة وما حلّ رحله( ).
ويعلّق الحاكم النيسابوري على هذه الحادثة فيقول:
((فهذا أبو أيوب الأنصاري على تقدّم صحبته، وكثرة سماعه من رسول الله، رحل إلى صحابي من أقرانه في حديث واحد، لو اقتصر على سماعه من بعض أصحابه لأمكنه))( ).
رحلة التابعين في طلب الحديث
اقتدى التابعون بالصحابة في طلب الحديث، وأبلوا بلاءاً حسناً في ذلك، ولقد فاقوا الصحابة في رحلاتهم في طلب الحديث؛ ذلك لأنّ الصحابة تفرّقوا في الأمصار بعد أن اتسعت الفتوحات الإسلامية، فكان منهم في مكة، والمدينة، والشام، والكوفة، والبصرة، ومصر، واليمن... فلابد لمن يريد أن يحيط علما بأحاديث النبي أن يرحل إليهم. ولقد كان التابعي يخرج وما يُخرجه إلا حديث يريد سماعه من الصحابي الذي سمعه من النبي. وهكذا حمل التابعون ومن جاء بعدهم الأمانة نفسها بتلك القوة، وذلك الحرص؛ فبلّغوا عن النبي ما يجب وما يُستحب تبليغه.
ولقد كان التابعون حريصين على سماع الحديث من أفواه الصحابة الذين سمعوه من النبي، فلم يكتفوا بذكر السند وحده، بل كانوا يقطعون المسافات الطويلة في الفيافي والقفار، ويتحملون مشقات السفر من أجل ذلك، وقد قال أبو العالية (رفيع بن مهران) المتوفى سنة 93هـ:
((كنّا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله، فما رضينا حتى رحلنا إليهم، فسمعناها من أفواههم))( ).
وقال بشر بن عبد الله الحضرمي المتوفى سنة (110هـ):
((إن كنت لأركب إلى مصر من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه))( )