نحمدك اللهم ونستهديك، ونستعين بك ونتوكل عليك، ونصلي ونسلم صلاة طيبة زاكية مباركة، على من ختمت به الشرائع وأرسلته رحمة للعالمين–سيدنا محمد(ص)- وعلى صحابته الذين اصطفيتهم من خلقك، وائتمنتهم على تبليغ شرعك إلى الناس كافّة.
أنت هنا
قراءة كتاب الاسناد الصحيح المتصل من خصائص الأمة الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
كثرة طلبة الحديث بالإسناد بعد عصر التابعين
وإذا تجاوزنا عصر التابعين إلى ما بعده، رأينا العجب العجاب من إقبال طلبة الحديث على علمائه بالإسناد، حتى إنّ الإنسان لا يكاد يُصدّق ما يقرؤه عن أعداد تلك الجموع، لولا أنّ الذين نصّوا على ذلك محدثون ثقات لا يشك الباحث المنصف في صدقهم وتحرّيهم الدقة فيما يكتبون، وبخاصّة ما ذكره الحافظ الذهبي وابن حجر العسقلاني وأمثالهما.
لقد أقبل طلبة الحديث على سماع وتدوين دروس الحديث بالأسانيد، فإذا علم الطلبة بحضور محدّث إلى بغداد أو غيرها من مراكز العلم، أسرعوا الخطا إلى حضور دروسه، شغفا بحديث النبي بالإسناد. وقد نقل الذهبي ما ذكره أبو حاتم الرازي حين حضر مجلس سليمان بن حرب المتوفّى سنة (224هـ) فقال: إنّ من حضر مجلسه حزر بأربعين ألفا( ). وقُدّر من حضر دروس عاصم بن علي المتوفى سنة (221هـ) بأكثر من مائة ألف( ). وذكر الفربري أنّه سمع (الجامع الصحيح) من البخاري تسعون ألفاً( ). أمّا أحمد بن جعفر الخُتُلّيُّ، فكان في مجلسه سبعة مستملين، يبلّغُ كل واحد منهم الآخر، ويكتب الناس عنه قياماً( ).
كثرة شيوخ الرواية بالإسناد خارج البلاد
لم يرحل الراحلون في طلب الحديث بالإسناد خارج بلادهم إلا بعد أن يستوعبوا الرواية من المحدثين الذين في بلادهم، وبعد ذلك يعمدون إلى الرحلة في شتّى الأقطار والأمصار طلبا للحديث، وسئل الإمام أحمد ابن حنبل: أيرحل الرجل في طلب العلم؟ فاستحسن الإمام أحمد الرحلة في ذلك، ذاكرا أنّ (علقمة بن قيس النخعي) و(الأسود بن يزيد النخعي) -وهما من أهل الكوفة بالعراق- يبلغهما الحديث عن عمر بن الخطاب، فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه -إلى المدينة المنورة- فيسمعانه منه( ). وكثيرا ما تكون ثقة الناس بالعلماء الذين يرحلون في طلب العلم أكثر من ثقتهم بمن لم يرحل، حتى قالوا: ((من لم يرحل فلا ثقة بعلمه))( ).
وقال يحيى بن معين: اربعة لا تؤنس منهم رشداً، وذكر منهم (ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث)( ).