نحمدك اللهم ونستهديك، ونستعين بك ونتوكل عليك، ونصلي ونسلم صلاة طيبة زاكية مباركة، على من ختمت به الشرائع وأرسلته رحمة للعالمين–سيدنا محمد(ص)- وعلى صحابته الذين اصطفيتهم من خلقك، وائتمنتهم على تبليغ شرعك إلى الناس كافّة.
أنت هنا
قراءة كتاب الاسناد الصحيح المتصل من خصائص الأمة الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
وقال سعيد بن المسيّب المتوفى سنة (94هـ):
((إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد))( ).
وحدّث سيد التابعين الإمام عامر بن شراحيل الشعبي المتوفى سنة (104هـ) مرّة بحديث عن النبي، ثم قال لمن حدثه به:
((خذها بغير شيء، قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة))( ).
ولا غرو، فقد خرج الشعبي في ثلاثة أحاديث ذُكرت له، فقال: لعلّي ألقى رجلاً لقي رسول الله( ).
أمّا أبو قلابة عبد الله بن زيد المتوفى سنة (104هـ) فقد قال:
((لقد أقمت في المدينة ثلاثاً، ما لي حاجة إلا وقد فرغت منها، إلا أنّ رجلاً كانوا يتوقعونه كان يروي حديثاً؛ فأقمت حتى قدم فسألته))( ).
لقد كان طلاب الحديث حريصين على أن يشدوا الرحال من بلد إلى بلد آخر؛ من أجل أن يلقوا المحدثين الكبار ويرووا عنهم ((فقد رحل ابن شهاب إلى الشام ليلقى عطاء بن يزيد، وابن محيريز، وابن حيوة، ورحل يحيى بن أبي كثير إلى المدينة للقاء من بها من أولاد الصحابة، ورحل محمد بن سيرين إلى الكوفة، فلقي بها عبيدة وعلقمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ورحل الأوزاعي إلى يحيى بن أبي كثير باليمامة ودخل البصرة، ورحل سفيان الثوري إلى اليمن ثم دخل البصرة، ورحل عيسى ابن يونس إلى الأوزاعي بالشام...))( ).
وهكذا كثرت رحلات التابعين من أجل طلب الحديث بالإسناد.
ولقد بلغ حب طلب الحديث لدى السلف مبلغاً هيهات ان يصله احد، حتى قال شعبة بن الحجاج: (من حدثني فانا له عبد). أما الحافظ (ابن منده)، فقد بلغ حبه في نشر الحديث وتبليغه الى طلبته ان قال: (من حدثتُه فأنا له عبد)( ).
ولا بد لنا ان نشير هنا الى ان الرحلة في ذلك الزمان كانت غير مأمونة العواقب، فكان الرحالون يتعرضون للأخطار من قطاع الطرق، والحيوانات المفترسة، واهل المذاهب المارقة، وفي صحبتهم: الجوع والعطش؛ لذلك كان ابراهيم بن ادهم يقول: (إن الله ليدفع البلاء عن الامة برحلة الحديث)( ).