نحمدك اللهم ونستهديك، ونستعين بك ونتوكل عليك، ونصلي ونسلم صلاة طيبة زاكية مباركة، على من ختمت به الشرائع وأرسلته رحمة للعالمين–سيدنا محمد(ص)- وعلى صحابته الذين اصطفيتهم من خلقك، وائتمنتهم على تبليغ شرعك إلى الناس كافّة.
أنت هنا
قراءة كتاب الاسناد الصحيح المتصل من خصائص الأمة الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
لذلك نجد من رواة الحديث من كان يتحرّج حتى من تغيير اللحن، ويبقي الكلام الذي سمعه من الراوي كما هو؛ فيبقي كلمة (لغيت) بدل (لغوت)( )، و(عوثاء السفر) بدلا من (وعثاء السفر)( )، وقد قالوا: بأنّ ابن سيرين ((كان يلحن كما يلحن الراوي))( ). كل ذلك من أجل الحفاظ على نص الحديث الذي بلغهم بإسناده.
إنفاق المال في طلب الحديث بإسناده
سرى حب طلب الحديث بإسناده في دماء طلبة العلم، وهان عليهم كل شيء من أجله. وإذا كان الناس في العصر الحديث يتخذون ما برعوا به من علوم وسيلة لكسب المال وزيادة الثروة، فإنّ رواة الحديث كانوا على عكس ذلك؛ فأنفقوا ما كان معهم من مال ورثوه عن آبائهم، أو حصلوا عليه بجدهم ونصبهم في طلب الحديث. فهذا الإمام (يحيى بن معين) توفي والده، وترك له ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم (مليونا وخمسين ألفاً) فأنفقه كله على الحديث، حتى لم يبق له نعل يلبسه( ).
وهذا علي بن عاصم بن صهيب يقول:
((دفع إلي أبي مائة ألف درهم وقال: إذهب فلا أرى لك وجها إلا بمائة ألف حديث))( ).
أمّا هشام بن عبيد الله الرازي فكان يقول:
((لقيت ألفاً وسبعمائة شيخ، أصغرهم عبد الرزاق، وخرج منّي في طلب العلم سبعمائة ألف درهم))( ).
أخذ الأجرة على التحديث
وإذا كان أكثر الذين قاموا بالرحلة في طلب الحديث لا يبتغون من وراء ذلك مالاً، حتى شاع قولهم: ((علّم مجاناً كما عُلّمت مجانا))( )، إلاّ أنّه وجد في الرحّالين من صار يأخذ الأجرة على تحديثه، وذلك كيعقوب ابن إبراهيم بن سعد( ). ولم يرتض هذا كبار المحدثين: فقد استنكروه، وحذّروا طلاب الحديث من السماع منهم، فكان شعبة بن الحجاج المتوفى سنة 160هـ، يدعو طلاب الحديث إلى الأخذ عن العلماء الأغنياء، وكان يقول: ((لا تكتبوا عن الفقراء شيئا))( ). واستمر علماء الحديث في إلقاء أحاديثهم من دون مردود مالي، فكان منهم من يتنزّه عن أخذ الهدية ويعدُّها رشوة من طالب الحديث، وكان منهم من لا