رواية الواحد للروائي طلال قاسم، أولى روايته الفلسفية (الواحد) التي تعد رؤية فلسفية جديدة لبناء وتصميم الكون والتي من الممكن تصنيفها ضمن روايات الخيال النفسي بالدرجة الأولى.
أنت هنا
قراءة كتاب الواحد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الواحد
الفصل 1
استيقظ ببطء شديد على سرير فاخر من القطن، سرير لم يعتد النوم عليه يوماً· في بادئ الأمر اعتقد أنه هذيان الاستيقاظ، لكنه سرعان ما انتبه أنه لم يكن يهذي، صعق لما رآه وصاح في نفسه: أين أنا؟! ما الذي جاء بي إلى هذا المكان الغريب!
كان يسمع أصواتاً من خارج الغرفة التي تبدو تفاصيلها غريبةً عليه وعلى ثقافته، لوحات معلقة على الجدران، ومزهريات فضية على رفوف جدارية، وأشياء لا يعرف ماهيتها هنا وهناك·· قصاصات ورق كلها مكتوبة بالإنجليزية·· لا شيء مكتوب بالعربية!··
دارت بداخله الكثيرُ من التساؤلات التي سببت له التوهان مع بعض الألم في معدته، بينما يحاول أن يتذكرَ شيئاً أو خيطاً ما قد يفسر له سبب استيقاظه في هذا المكان الغريب··
نظر إلى الجدار مرةً أخرى من زاويةٍ مختلفة ليجد صوراً لأشخاص لا يعرفهم، فجأةً فتح فمه إلى أعلى حد وصاح هذه المرة بصوت مسموع، وهو يجد شيئاً أغرب من كل تصوراته الخيالية، شيئاً يستحيل أن يكون حقيقياً: إنني ما أزالُ أحلم، إنني ما أزالُ أحلم·· هذا مستحيل! كان يردد لنفسه كالمحموم: ما هذا؟، ما الذي أراه؟!··
وجد على الجدار وبقرب السرير صوراً له وهو برفقة أشخاص لم يعرفهم يوماً، وصورةً كان فيها مع سيدةٍ كبيرة في السن، سيدة أجنبية وغريبة عنه، وأخرى ما تزال شابة·· كانت الصورة تحمل وضعية حميمية وكأنهما يعرفانه ومقرَّبتان منه، وهو في الصورة يقف بينهما مبتسماً، ولا يبدو عليه أي أثر للحيرة التي هو عليها الآن وهو ينظر إلى هذه الصور التي لا توحي له بأي شيء حقيقي، لا توحي له إلاَّ بأنه يحلم، حتــى إنــه شــك بأنها فعلاً صورته، فقد كان يبدو أكثر وسامةً وتألقاً وبهجةً، ويرتدي ملابسَ غريبة عليه، لم يألف ارتداءها يوماً·
كيف أحلم وأنا الآن أعرف أنني أحلم؟!، وأنا الآن أقومُ بإنكار الحلم وأنتقده بل وأريدُ بقوة الخروج منه؟! هذا ما كان يقوله لنفسه وكأنه دخل في أحد النقاشات السفسطائية·
اقترب من الغرفة أحد الأصوات البعيدة التي كان يسمعها في الخارج، سمع باب الغرفة يقرع بهدوء جاك·· جاك··مازلت نائماً؟ استيقظْ·· هناك من يريد رؤيتك.