أنت هنا

قراءة كتاب تصور لمستقبل البشرية - إنشاء مجلس مستقبل العالم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تصور لمستقبل البشرية - إنشاء مجلس مستقبل العالم

تصور لمستقبل البشرية - إنشاء مجلس مستقبل العالم

كتاب "تصور لمستقبل البشرية..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مُفْتتح

بقلم: الأستاذة الدكتورة رفيعة عبيد غباش
 
في قرية تولبرج Tollberg السويدية، دُعِيتُ لحضورِ ملتقىً نظَّمهُ مجموعةٌ من المفكرين للبحث عن : كيف لنا أن نحيا سويًا على هذا الكوكب >How on earth we could live together&· لم أكن أعرفُ الكثيرَ عن هذا الملتقى، لكن موضوعه اجتذبني ودفعني لحضوره·
أٌُسِرْتُ، في البداية، بروعة المكان في هذه القرية السويدية،;حيث تفصلُ الخضرةُ الممتدةُ بامتداد اليابسة بين زرقة الماء وزرقة السماء· لا يزيدُ سكان هذه القرية عن 250 نسمة، وضيوف ذلك الملتقى يصل عددُهم إلى 450 نسمة· المدينةُ طبيعيةٌ، كما خلقها الله؛ جميلةٌ أكثرَ من الجمال نفسه، والطبيعةُ ساحرةٌ، حتى إنك لا تريد أن تغمض عينيك حتى لا يغيب عنك هذا الجمال· هكذا حافظ الإنسان السويدي على بيئته وطبيعة بلاده كأمانة لأجيال قادمة·
في ذلك المنتدى، وبحضور ملك وملكة السويد، تحدَّث المجتمعون في كل الموضوعات التي يتخيلها العقل البشري؛ في العلوم، والسياسة، والأدب، والفكر؛ ولكن كان تركيزُهم المكثَّفُ على قضايا تتعلق بمستقبل الإنسان على هذا الكوكب· مواضيع متصلةٌ بكثير من القضايا التي تشغلنا كبشر نعيش تحت سقف واحد؛ قضيا البيئة، التلوث، الفقر، المرض، المجاعات، التغير في درجة حرارة الكون، الجفاف والتصّحر··· إلا أنه كان واضحًا غيابُ القضايا العربية·
وقد شعرت بأننا، كعرب وكمسلمين، وبالرغم مما نمثله، من حيث التعداد كأمة بالنسبة لتعداد سكان العالم، وكامتداد جغرافي من المحيط إلى الخليج، ومن تركيا حتى الهند وباكستان والصين وإندونيسيا وماليزيا، ناهيك عن وجودنا كجاليات إسلامية وعربية في العديد من البلدان الغربية؛ وبرغم ما تمثله رقعة عالمنا (العالم العربي والإسلامي) من أهمية استراتيجية، وما تمثله من موارد نفطية وثروات معدنية وزراعية ومائية؛ وبرغم أهمية ذلك بالنسبة لاقتصاديات العالم ومستقبل الإنسانية·· بالرغم من ذلك كله، فإن هذه المنطقة وقضاياها لم تحظ باهتمام منظمي جلسات هذا الملتقى·;وجاء برنامج المؤتمر ليؤكد ذلك الشعور بداخلي، فبرغم ثراء الموضوعات والقضايا المطروحة، إلا أنه لم يتم التطرق للحروب والنزاعات المستمرة في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للعالم، والتي لا يقل تأثيرها المدمر وخطورتها على الإنسان والبيئة والحياة بصفة عامة عن خطورة الكوارث الطبيعية·
تساءلت لماذا لا يناقش المؤتمر مثل هذه الكوارث التي يصنعها الإنسان والتي يمكن التحكم فيها والسيطرة عليها بدرجة أعلى من إمكانية السيطرة على العوامل البيئية والكوارث الطبيعية التي تهدد مستقبل العالم؟
تنامى ذلك الشعور بداخلي وأنا أتابع جلسات الندوة· في هذا الملتقى لم يكن المسلمون حاضرون في أذهان من خطط لهذا الملتقى، رغم وضوح نواياهم الخيرة· وحتى العروض الثقافية الموسيقية التي كانت تتخلل تلك الجلسات، كانت من ثقافات كثيرة إلا الثقافة العربية·
ولا يمكن أن أنسى أنَّ الأمير الحسن بن طلال كان ضيفًا على هذا المؤتمر، وتطرقت كلمته لمعاناتنا كعرب من استمرار الصراع العربي الإسرائيلي، دون حل عادل للقضية الفلسطينية؛ وقد حظيت كلمته بإعجاب وتقدير الحضور، خاصة وأنه يمتلك منطقًا سليمًا ولغة إنجليزية رائعة، ويتمتع بخفة الظل·
وأثناء المؤتمر لفت نظري كتابٌ معروضٌ في مدخل خيمة المؤتمر وعنوانهتصوُّرٌ لمستقبل البشريَّة - إنشاء مجلس مستقبل;العالم، تشكيل مستقبلنا، مبادرة مجلس مستقبل العالم، يدعو مؤلفه;مائة مفكر عالمي للقيام بعمل لحماية مستقبل العالم· مرة أخرى لم أجد اسمًا عربيًا مسلمًا بينهم· وبقدر تقديري للقضايا التي ينوي المجلس التصدي لها، وقناعتي بأن بحثها ومعالجتها مسألةٌ ضرورية للبحث عن مستقبل أفضل للبشرية، إلا انه لم يتم التعرض للحروب والكوارث في المنطقة العربية·
أدركت أن علّي دورًا لحمل المجتمعين على تقدير همومنا كأمة عربية ومسلمة، وكبشر من حقنا أن نكون شركاء عند التفكير في مستقبل هذا العالم· وحين دعيت;لتمثيل المائدة المستديرة التي أنتمي إليها في ذلك الملتقى، صعدت المنصة وحييت الحضور وعرفتهم بأن امرأة عربية مسلمة لم تحل تقاليدها ودينها دون حضورها ومشاركتها في هذا الملتقى؛ ونقلت لمنظمي الملتقى والحضور شعوري الذي لم يفارقني لحظة وأنا أتابع باستمتاع جلسات الملتقى ومداخلاته، مذكرة إياهم بأن عنوان ملتقاهم هو (كيف لنا أن نحيا سويًا على هذا الكوكب)، ولكني لا أجد أي حضور للعرب في هذا الملتقى، فقد طُرِحَ العديدُ من القضايا، ولم تتم الإشارة من قريب أو بعيد لسلسلة الصراعات والحروب المتصلة، على امتداد العالم العربي والإسلامي، وتأثيراتها الكارثية علينا وعلى العالم أجمع·
حاولت أن أحصل على تفسير لذلك الإقصاء للقضايا العربية من منظمي المؤتمر، مؤكدة بأننا شركاء في هذه الحياة، ولا يمكن أن يكون لأحدنا مستقبل بمعزل عن الآخر· صحيح أن الملتقى لا يأخذ صبغة سياسية، لكنه يبحث في إيقاف التدهور البيئي، وكثيرٌ من أسباب التدهور لا يستطيع الإنسان السيطرة عليه أو التحكم به؛;لكنه يمكن أن توقف الحروب والصراعات ونتائجها الكارثية على الإنسان والعمران والبيئة، والحياة بصفة عامة، إذا ما وجدت الإرادة الخيرة؛ فالحروب تبدأ بقرار، وتنتهي بقرار·
لقد استوقفت مداخلتي منظمي ذلك الملتقى، ودفعت بمؤلف الكتاب للحرص على الحديث معي فور نزولي من على المنصة، مؤكدًا تقديره لكل ما قلته، ودعوته لي للمشاركة في أعمال هذا الملتقى في المستقبل·;ولقناعتي بأهمية هذا المشروع استأذنت المؤلف أن أتبنى ترجمة ذلك المؤلف إلى اللغة العربية، وهذا ما حدث بالفعل·
شاركت بعد ذلك في اجتماعات تأسيسية للمجلس، في بريطانيا وجنيف، والتقيت بممثلي منظمات تطوعية من كل العالم، ووجدت في إيمانهم وقناعتهم بما يقومون به لتأسيس هذا المجلس تأكيدًا لما قاله هارلان كليفلاند، المفكر والسياسي والدبلوماسي الأمريكي، في كتابه (مولد عالم جديد)، إنه من قبيل العبث أن نؤمل في إمكان احتواء هذه الاضطرابات والتحولات العالمية في كيان (رسمي) عالمي، مهما كانت مسمياته· فكليفلاند لا يرى أن الكيانات الرسمية هي الأفضل كمؤسسات تحكم العالم في المستقبل، فالأصلح لهذه المهمة هو مجموعات العمل التعاوني غير الرسمي، المكونة من شخصيات مرموقة ذات خبرات طويلة متنوعة، ويقترح لهذه المجموعات اسم (ائتلاف الأخيار)!
;ويبدو أن الأخيار قد اجتمعوا لتأسيس هذا المجلس؛ وآمُلُ أن يزيد عددُهم من وطننا العربي·

الصفحات