ارتبط شوقي في بداية حياته بقصر الخديوي، فتفرغ للشعر والأدب، وتهيأت له أسباب الشهرة، ولكن هذه الفترة قصرت انطلاقته وتطوُّر أساليبه فجاء معظم شعره مدحاً للخديوي وبلاطه. ثم كان لمنفاه في الأندلس أثر كبير في حياته، حيث أتيحت له الخلوة إلى النفس والتأمل في أحضان
أنت هنا
قراءة كتاب أمير الشعراء أحمد شوقي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
هذه الصفات لم تكن تنم عن شخصية انطوائية، ولكنها شخصية متألقة تتغلغل في أعماق نفس إنسانية تستكشف خفايا هذه النفس، وكأن من ينظر إليها يحس بأنها مضطربة حائرة في بعض نواحيها، ولكن إذا تعمقنا قليلاً في بيئته وما يجري حوله فربما نجد أنها نزعة مسيطر عليها. فقد وُلد من أصول أربعة، حمل منها مواهب فطرية فكانت خير حافز لتسنم ذرى الشعر، أضف إلى ذلك خياله الواسع والحس المرهف والنفس الطموحة والعيش المترف في القصر والعناية الفائقة من الخديوي وسعة ثقاته واطلاعه على الآداب الغربية ومعرفته بحرية الفكر في رحلاته وأسفاره والحوادث السياسية الخطيرة، فكان في شعره صدىً عميقاً جعل منه أميراً للشعراء دون منازع، ووضعه في مكانة عالية من الأدب، وأنه الشاعر الذي لا يشق له غبار. فمضى يجود نظمه ويسدد سهمه في تجويد معانيه، وهذا ليس غريباً أن نرى منزله الفخم «كرمة ابن هانئ» الذي اجتمعت فيه لشوقي زينة الحياة، فالمال موفور والقصر لا يضن عليه بشيء وعنده البنون، وهو بهذا أعفي من مشاق العيش مما جعله يتفرغ لأدبه وشعره وهو القائل: إنها راحة النفس، وقد ترنم فيها بقوله:
حف كأسها الحبيب
فهي فضة ذهب
أو دوائرٌ دررٌ
مائج بها لببُ
أو فم الحبيب جلا
عن جمانه الشنب
أو يداه باطنها
عاطل ومختضبُ
أو شقيق وجنته
حين لي به لعبُ
راحة النفوس وهل
عند راحةٍ تعب؟!