أنت هنا

قراءة كتاب المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

كتاب "المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة"، لمؤلفه أبي الطيب صديق حسن خان، يقول الكاتب عصام موسى هادي الذي هذبه وعلق عليه في مقدمته:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

مقدمـة المؤلف

الحمدُ لله الذي أوضح سبيلَ الهدى، وهدى الصراط المستقيم، ونصب عليه في كل شيء دليلاً، وبيَّن منهج الحق ووعد عليه وَعْدَ الصدق لمن سلكه واستطاع إليه سبيلاً، والصلاةُ والسلام على المصطفى وأحمد المجتبى، الذي بعثه إلى الخلق كافة نبياً ورسولاً، وأرسله رحمة للعالمين تطبيقاً للصورة على المعنى، وتنويهاً بالمجاز إلى الحقيقة، وَمَنْ أصدق من الله قيلا، وعلى آله وصحبه وحِزْبه الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون، وما بدلوا تبديلاً، فهم أكرم الخلق علماً، وأفضل الناس عملاً، وأشرفهم قبيلاً وجيلاً.
وبعد؛ فيقول الوجود بين العدمين والعلاوة بين العدلين:
أبو الطيب ابن أبي أحمد بن أبي الحسن الحسيني القنوجي البخاري ـ ألحقه الله بسلفه الصالحين، وجعل له لسان صدق في الآخرين ـ: إنَّ المراد من تأليف هذا الكتاب في هذا الزمان المملوء ـ من الآفـات والأكـدار ـ بالشيء الكثير: حفـظ جملة صالحة من الأحاديث ـ الواردة في أبواب الفتن وأسبابها ـ على المسلمين على طريق الاختصار، وضبط أشراط الساعة التي وردت في الآثار، وذكرها عصابةُ أهل الحديث في دواوينهم الكبار؛ تذكرة لأهل الغفلة والاغترار، وتبصرة لأولي البصائر والأبصار، الذين أخلصهم الله تعالى بخالصة ذكرى الدار.
فعسى أن ينتهوا عن بعض الذنوب، وينتبهوا عن سنة الغفلة، وتلين منهم قاسيات القلوب، ويغتنموا المهلة قبل الوهلة، كيف لا والدنيا قد ولَّت جداً، وأذنت بالانصرام، ومرت بأهلها مر السحاب وهم نيام.
كما دلت على ذلك أدلة الكتاب، وأفصحت به نصوص الحديث المستطاب.
ألفته بين يدي الساعة حين اشتعلت نيران الملمات، وعمت البلايا والفتن، وتواترت الآفات والنوازل في كل قُطْر من أقطار الأرض على أهل الزمن، وعاد الإسلام فيه غريباً كما بدأ؛ لما توالى عليه وعلى أهله من الحوادث والمحن.
والدنيا لم تخلق للبقاء، ولم تكن دار إقامة؛ وإنما هي منزل من منازل الآخرة، ومزرعة للتزود منها إلى ديار الأفراح التي نعمها فاخرة ذاخرة.
لعـمـرك مـا الـدنيـا بـدار إقــامــة ولكنها دار انتقـال لـمن عقـل
إذا أضحكت أبكت وإن هي أقبلت تولت وإن أعطت فأيامها دول
وما أحسن قول القائل:
كـذا الـدنيـا نـزول وارتحـال نــَزَلْنـاهــا هنــا ثـم ارتـحـلنــا
خـلـود المـرء في الدنيا محـال يظـن الـمـرء في الـدنيـا خـلـوداً
ولنعم ما قيل:
إنما الدنيا كبيت نسجته العنكبوتُ إنما الدنيا فناء ليس للدنيــا ثبوتُ
ولله در القائل:
حَذار حَـذارِ من بطشي وفتكي هي الـدنيــا تقــول لصـاحِبيهــا
فقـولي مضحك والفعـل مبكي فــلا يغـــرركــم مني ابتســــام
ولبعضهم ولله دره:
ولم تـر بالبـاقين ما يصنـع الدهـر كأنك لم تسمع بأخبار مـن مضى
عفاهـا فحالت بعدك الريح والقطرُ فإن كنت لا تدري فتـلك ديارهم
على الدهــر إلا بالعـراء لـه قبرُ وهـل بصـرت عينـاك حيـاً بمنزل
ولكنّ ما قـدمـت مـن صـالح وفرُ فـلا تحسـبن الوفــر مــالاً جمعتـه
سوى الفقـر يابوسى لمنْ زادهُ الفقرُ مضى جامعـوا الأموال لم يتزودوا
وحتـام لا ينجاب عن قلبك الشَّرُّ فحتام لا تصحو وقـد قـرب المدى
وتذكـرُ قولي حـين لا ينفع الذكرُ بلى سوف تصحو حين ينكشف الغطا
فعمـا قليـل بعدهـا يُحْمَدُ الصَّبرُ فصبراً علـى الأيـام حـتى تجوزُها
وسيأتي الكلام الحق، والقول الصدق في أنه لا سلامة من الخلق.
هذا وأَمْرُ السَّاعةِ شديدٌ، وهْوَ لها مزيد، وأمَدُها بعيد.
قــال تـعــالى: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [ الحج: 2].
وإن الله تعالى في ذلك اليوم يحكم بين الأولين والآخرين، من الأحرار والعبيد، ويقضي للمؤمنين على الكافرين، ويميز المخلصين له الدين عن المنافقين.
كما قـال سبحـانـه: إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ  [ هود: 103 ]. وقال تعالى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْوَالسَّاعَةُأَدْهَىٰوَأَمَرُّ[القمر: 46 ]، وقال:سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ  [ الـرحـمـن: 31 ]، وقــال:وامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ  [ يـس: 59 ]، وقـال:وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْلَمْيَلْبَثُواإِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [ يـونـس: 45 ]، وقـال:وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَمِنْدُونِهِۖوَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [ الإســراء: 97]،وقــال:يَوْمَيُنْفَخُفِيالصُّورِۚوَنَحْشُرُالْمُجْرِمِينَيَوْمَئِذٍزُرْقًا [ طه: 102 ]، وقـال:وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [ الصافات: 24 ]، وقال:  لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [ عبس: 37 ].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله : ((من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين فليقرأ: إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت)) أخرجهالترمذي وقال: هذا حديث حسن(1).
فهي الساعـة الموعـود أمرها، ولعظمهـا أكثـر الناس السؤال عنها رسـول الله  حتى أنزل الله عليه: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَۚثَقُلَتْفِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  [ الأعراف: 187 ]، وكل ما عظـم شأنـه تعددت صفاته وكثرت أسمـاؤه، وهذا مهيـع كـلام العـرب، فالقيـامـة لما عظـم أمرها وكثرت أهـوالها، سماهـا الله في كتابـه بأسماء عديـدة ووصفها بأوصاف كثيرة، ذكرها القرطبي في ((التذكرة))، والفتني في ((تحفة الإخوان)).

الصفحات