أنت هنا

قراءة كتاب المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

كتاب "المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة"، لمؤلفه أبي الطيب صديق حسن خان، يقول الكاتب عصام موسى هادي الذي هذبه وعلق عليه في مقدمته:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

قال الطبري: اختلف في هذا الأمر وفي الجماعة، فقال قوم: هو للوجوب، والجماعة: السواد الأعظم، وقال قوم: المراد بالجماعة: الصحابة دون مَنْ بعدهم، وقال قوم: المراد بهم أهل العلم؛ لأن الله تعالى جعلهم حجة على الخلق، والناس تبع لهم في أمر الدين.
قال الطبري: والصواب أنَّ المراد من الخير لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة، قال: وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً فلا يتبع أحداً في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك، خشية من الوقوع في الشر، وعلى ذلك يُنَزَّلُ ما جاء في سائر الأحاديث، وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويؤخـذ منه ـ أي من هذا الحديث ـ ذم من جعل للدين أصلاً خلاف الكتاب والسنة، وجعلهما فرعاً لذلك الأصل الذي ابتدعوه، وفيه وجوب رد الباطل وكل ما خالف الهدى النبوي، ولو قاله من قاله من رفيع أو وضيع، انتهى.
وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله : ((إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتن، القاعد خير من الماشي فيها، والماشي خير من الساعي إليها، ألا فإذا وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كان له غنم فليلحق بغنمه، ومن كان له أرض فليلحق بأرضه، فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم يكن له إبل، ولا غنم، ولا أرض؟ قال: يعمد إلى سيفه فيدق على حـده بحجـر، ثم لينج إن استطـاع النجاء، اللهم هل بلغت ـ ثلاثاً ـ ، فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين فضربني رجل بسيفه، أو يجئ سهم فيقتلني؟ قال: يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار)) أخرجه مسلم(37).
وأورده القرطبي في تذكرته، في باب ما جاء في الفرار من الفتن(38).
وعن أبي بردة قال: دخلت على محمد بن مسلمة، فقال: إن رسول الله  قال: ((إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان ذلك فأت بسيفك أحداً فاضرب به حتى ينقطع، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منيةقاضية)) وقد وقعت، وقد فعلتُ ما قال ، أخرجه ابن ماجه(39).
وأورده القرطبي في تذكرته في باب الأمر بلزوم البيت في الفتن(40).
قال علماؤنا ـ رحمة الله عليهم ـ: كان محمد بن مسلمة ممن اجتنب ما وقع بين الصحابة من الخلاف والقتال، وأقام بالربذة، وممن اعتزل الفتنة أبو بكرة، وابن عمر، وأسامة بن زيد، وأبو ذر، وحذيفة، وعمران بن حصين،وأبو موسى، وأَهبان بن صيفى، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، ومن التابعين: شريح، والنخعي، وغيرهما ـ رضي الله عنهم ـ.
قال القرطبي(41): وكانت تلك الفتنة والقتال بينهم على اجتهاد منهم، فكان المصيب منهم له أجران، والمخطئ له أجر، ولم يكن قتال على الدنيا فكيف اليوم الذي تسفك فيه الدماء باتباع الهوى طلباً للملك والاستكثار من الدنيا!، فواجب على الإنسان كف اليد واللسان عند ظهور الفتن، ونزول البلايا والمحن، نسأل الله السلامة والفوز بدار الكرامة.
أقول: وقد فعلتُ مثل ذلك في زمن الفساد الذي وقع في إقليم الهند بين عساكر الفرنج وحكامهم في سنة 1273 الهجرية، وابتلي ناس كثير به، وسموه الجهـاد، ولم توجد شروطه ولم يكن على منهاج الشريعة الحقة، وانتـدب لطلب الملك والرياسة فأصبحوا خاسرين، ولله الأمر مِنْ قبلُ ومِنْ بعدُ.
وفي الصحيح ((باب مَنْ كره أن يكثر سواد الفتن والظلم)) (42)، و((باب التعرب في الفتنة)) (43) أي: الإقـامة بالباديـة، وفيـه حـديث سلمة بن الأكوع: أن رسول الله  ((أذن لي في البدو)) أخرجه مسلم والنسائيأيضاً(44).
ويستفاد من ((الفتح)) أن مدة سكنى سلمة بالبادية أربعين سنة(45).
ومنها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شَعَف الجبال، ومواقع القطر يَفِرُّ بدينه من الفتن)) أخرجه الشيخان والنسائي ومالك وأبو داود(46).
والشعف: جمع شعفة كأكم وأكمة: رءوس الجبال. قال في ((الفتح)) (47): والخبر دال على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه، ولا يتأتى له الجهاد في سبيل الله.
وقيل: يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، واختار النووي الخلطة، لمن لا يغلب على ظنه الوقوع في المعصية، فإن أشكل الأمر فالعزلة.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي  أنه قام إلى جنب المنبر فقال: ((الفتنة ها هنا، الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان، أو قال: قرن الشمس)) رواه البخاري والترمذي(48).
أشار  إلى المشرق؛ لأن أهله يومئذ أهل كفر فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذا وقع فكان وقعة الجمل، ووقعة صفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما ورائها من المشرق، وكان أصل ذلك كله وسببه قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا علم من أعلام نبوته .
قال في ((الفتح)) (49): أول الفتن كان من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة.
وقال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهل المدينة، وأصل النجد: ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنه ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور، ومكة من تهامة، انتهى.
وعرف بهذا وهاء ما قاله الداودي: إن نجداً من ناحية العراق، فإنه يوهم أن نجداً موضع مخصوص وليس كذلك، بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يليه يسمى المرتفع نجداً، والمنخفض غوراً، انتهى ما في ((فتح الباري)).
وفي الصحيح : (( باب التعوذ من الفتن)) (50).
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يرى ترك القتال في الفتنة، ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة والأخرى مبطلة.

الصفحات