أنت هنا

قراءة كتاب المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

كتاب "المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة"، لمؤلفه أبي الطيب صديق حسن خان، يقول الكاتب عصام موسى هادي الذي هذبه وعلق عليه في مقدمته:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

باب في اقتراب الساعة ومجيئها

قــال تعـالى:اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [ القمر: 1 ]، وقــال:فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [ محـمــد: 18 ]، أي: أماراتها وعلاماتها.
قال البغوي: وكان النبي  من أشراط الساعة.
وقال تعالى:يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [الأحزاب: 63]، وقـــال:هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [ الزخـرف: 66 ]، وقــال:[اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ الأنبيـاء: 1 ]، وقال: أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ[ النحل: 1 ]، والآيات في ذلك كثيرة.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إنما أجلكم فيمن مضى قبلكم من الأمم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس)) رواه الشيخان(5)، وفي رواية: (( إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من صلاة العصر إلى غروب الشمس)) (6).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : (( بعثت أنا والساعة كهاتين)) أخرجه البخاري ومسلم(7).
قال القـرطبي(8): ومعناها كلها على اختلاف ألفاظها: تقريب أمر الساعـة التي هي في القيامـة، كما قال تعالى:  وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ النحل: 77 ].
والأحاديث في الباب لا تكاد تحصى، ولا يقال كيف يوصف بالاقتراب ما قد مضى قبل وقوعه ألف ومائتان وأربع وتسعون عاماً؟ لأن الأجل إذا مضى أكثره وبقي أقله فهو قريب.
وفي المثل السائر: ما أقرب ما هو آت وما أبعد ما هو فات.
ولقـرب قيامها عنـده تعالى جعلها الله تعالى كغد الذي بعد يومك فقـال:  يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [ الحشر: 18 ]، وقال:إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا  [ المعارج: 6 ـ 7 ]، ولما كـان أمـر السـاعـة شديداً كـان الاهتمـام بشأنها أكثـر من غيرهـا، ولذلك أكثـر النبي  من بيان أشـراطها وأماراتها، وأخبر عما بين يديهـا من الفتن البعيـدة والقـريبة، ونبه أمتهوحذرها ليتهيئوا لتلك العقبة الشديدة. ووقت مجيئها مما انفرد الله بعلمـه، وقد ثبـت أن النبي  سئـل عن الساعة فقال: ((ما المسؤول عنها بأعلـم من السائل…)) الحديث وهو في الصحيـح يعـرف بحديثجبريل(9).
وهـذا يدل على أنه لم يكـن عنـده علم بـه، وقد نطـق به القـرآن الكريم:يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ   [ الأعراف: 187]، فلم يكن يعلمهـا هو ولا غيره، وإنـما أخفـاه؛ لأنـه أصلـح للعباد لئلا يتباطئوا عن التأهب والاستعداد له، كما أن خفاء وقت الـموت أصلح لهم وأنفـع، وقد انتدبت جماعـة من أهـل العلم على تعيين قربها وزمن كونها ومجيئها، واستدلوا بأحاديث غير صحيحة وما صح منها فدلالتها غير صريحة.
قال السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير اليماني ـ رحمه الله ـ: إنما ثبت عنه  قرب بعثته من قيام الساعة، كما أخرج ابن جرير عنه : ((ما مثلي ومثل الساعة إلا كفرسي رهان)) (10).
فهذه الأحـاديث دالـة على قـرب الساعة من مبعثه ، والإخبار عن قربها من مبعثـه  يحتمـل أنه إخبار عن قربهـا عند الله تعالى، وإن كانت بعيدة، فهي رد لقول المشـركين بأنه لا قيـام لها، وإليـه أشار قوله تعالى::إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا[ المعارج: 6 ـ 7 ].
ويحتمل أن المراد: قرب أشراطها من بعثته ، وقد ظهر كثير من الأشراط، وأنها ظهرت من بعد وفاته بقليل، بل قد جعل  موته من أشراطها.
وهذا يدل على أنه  بُعث وقد قربت أشراط الساعة، وتقدير المضاف بالقرائن ثابت لغة وكتاباً وسنة ولا نكير فيه.
ثم يدل لتقدير المضاف أنه قد مضى بعد وفاته  قريب من اثنتي عشرة مائة ولم تقم الساعة فلا قرب لقيامها ببعثته، بل لأشراطها ويكون حديث: ((إن علامات الساعة كخرزات إذا وقع منها شيء تبعبعضهابعضاً)) (11)، خاصاً بالعلامات العظام، كخروج الدجال، ونزول عيسى، وطلوع الشمس من مغربها.
وأما تعيين زمان الساعة، والقرن الذي تقع فيه، فهو غيب لم يأت عليه دليل ينهض إلا أن إتيـان أشـراطها مـؤذن بقربها، كما قال تعالى:فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [ محمد: 18 ]. انتهى كلامه رحمه الله.

الصفحات