أنت هنا

قراءة كتاب المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة

كتاب "المنتقى الصحيح من كتاب الإذاعـة"، لمؤلفه أبي الطيب صديق حسن خان، يقول الكاتب عصام موسى هادي الذي هذبه وعلق عليه في مقدمته:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

وعن خلف بن حوشب: كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن: قال امرؤ القيس :
تسـعـى بزينتـهـا لكـل جهـول الـحــرب أول ما تكــون فتيــة
ولت عجــوزاً غير ذات حليـل حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها
مـكــروهــة للشــمِّ والتقبـيـل شمـطــاء ينكـر لونهـا وتغـيرت
رواه البخاري(51).
قال في ((الفتح)) (52): المراد بالتمثل بهذه الأبيات استحضار ما شاهدوه وسمعوه من رجال الفتنة، فإنهم يتذكرون بإنشادها ذلك، فيصدهم عن الدخول فيها حتى لا يغترو بظاهر أمرها أولاً انتهى.
ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم)) رواه البخاري ومسلم(53).
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ(54): أي: بعث كل واحد منهم على حسب عمله إن كان صالحاً فعقباه صالحة، وإلا فسيئة، فيكون ذلك العذاب طهرة للصالحين، ونقمة على الفاسقين.
وفي صحيح ابن حبان(55) عن عائشة مرفوعاً: ((إن الله تعالى إذا أنزل سطوته على أهل نقمته، وفيهم الصالحون، قبضوا معهم، ثم بعثوا على نياتهم وأعمالهم)) وقد أخرجه البيهقي في الشعب(56).
وهذا يناسب حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سمع رسول الله  يقول: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)) أخرجه الأربعة، وصححه ابن حبان(57).
والحاصـل أنه لا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب أو العقاب، بل يجازى كل أحـد بعمله على حسب نيته، وجنح ابن أبي جمرة إلى أن الذي يقــع لهم ذلك بسـبب سكوتهم عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأما من أمر ونهى فهم المؤمنـون حقـاً لا يرسل الله عليهـم العـذاب، بل يدفـع الله بهم العـذاب، ويؤيـده قوله تعالى:وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ  [ القصـص: 59 ]،وقوله تعالى:وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [ الأنفـال: 33 ]، ويدل على تعميـم العـذاب بمن لم ينـه عن المنكـر، وإن لم يتعاطاه قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا  [ النســـاء: 140 ]، ويستفـاد من هذا مشـروعيـة الهرب من الكفار، ومن الظلمـة؛ لأن الإقامـة معهـم من إلقـاء النفـس إلى التهلكـة، هذا إذا لم يعنهم ولم يرض بأفعـالهم، فإن أعـان أو رضي؛ فهو منهـم، ويؤيـده أمـر النبي  بالإسـراع في الخـروج من ديار ثمـود، وأما بعثهـم على أعمالهم فحكم عـدل؛ لأن أعمـالهم الصـالحـة إنما يـجازون بها في الآخـرة، وأما الدنيا فمهمـا أصابهـم من بـلاء، كـان تكفيراً لما قدموه من عمل سيئ، فكان العـذاب المرسـل في الدنيا على الذين ظلموا يتناول من كان معهم، ولم ينكر عليهم، فكان ذلك جزاء لهم على مداهنتهم، ثم يوم القيامة يبعث كل منهم فيجازى بعمله. قاله في بهجة النفوس.
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ(58): وفي الحديث تحذير وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي، فكيف بمن داهن؟ فكيف بمن رضي؟ فكيف بمن أعان؟ نسأل الله السلامة انتهى.
قال القرطبي في تذكرته (59): إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على مَن رآه أن يغيره إما بيده، فإن لم يقدر فبلسانه، فإن لم يقدر فبقلبه، ليس عليه أكثر من ذلك، فإذا أنكر بقلبه، فقد أدى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك.
وفي حديث أبي سعيد الخدري يرفعه: ((وذلك أضعف الإيمان)) (60) وقد جعـل الله في حكمـه وحكمتـه الـراضي بمنزلـة الفـاعل فانتظم في العقوبـة، دليلـه قوله تعالى:وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا   [ النسـاء: 140 ]، وروى أبـو داود(61) عن العـرس بن عميرة الكنـدي، عن النبي صلـى الله عليـه وآلـه وسلـم قـال: ((إذا عملـت الخطيئـة في الأرض كـان من شهـدهـا فكرههـا، وقال مرة: فأنكرها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمـن شهـدها)). وهذا نص في الغـرض، وحَسّنَ رجلٌ عند الشعبي قتلَ عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال الشعبي: قد شركت في دمه.
وفي صحيح الترمذي(62): ((إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده)) فالفتنة إذا عملت هلك الكل، انتهى.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين سنة، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاماً، قال: قلت: أمما بقي؟ قال: مما مضى)) أخرجه أبو داود(63).

الصفحات